واتق في طلب الرزق وأجمل في الطلب واخفض في المكتسب، واعلم أن الرزق رزقان: فرزق تطلبه ورزق يطلبك، فأما الذي تطلبه فاطلبه من حلال فإن أكله حلال إن طلبته من وجهه وإلا أكلته حراما وهو رزقك لا بد لك من أكله، وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة فلا يشتغلك عنها متجرك فإن الله وصف قوما ومدحهم فقال: رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وكان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم وكانوا أعظم أجرا ممن لا يتجر ويصلى، ومن اتجر فليجتنب الكذب ولو أن رجلا خاط قلانس وحشاها قطنا عيقا لما جاز له حتى يبين عيبه المكتوم، وإذا سألك رجل شراء ثوب فلا تعطه من عندك فإنها خيانة ولو كان الذي عندك أجود مما عند غيرك.
وكسب المغنية حرام ولا بأس بكسب النائحة إذا قالت صدقا ولا بأس بكسب الماشطة إذا لم تشارط وقبلت ما تعطى، ولا تصل شعر المرأة بغير شعرها وأما شعر المعز فلا بأس بأن يوصل، وقد لعن النبي ص سبعة: الواصل شعره بشعر غيره والمشتبه من النساء بالرجال والرجال بالنساء والمفلج بأسنانه والموشم ببدنه والدعي إلى غير مولاه والمتغافل عن زوجته وهو الديوث، وقال رسول الله ص: اقتلوا الديوث.
واستعمل في تجارتك مكارم الأخلاق والأفعال الجميلة للدين الدنيا، ولو أن رجلا أعطته امرأته مالا وقالت له: اصنع به ما شئت، فإن أراد الرجل يشترى به جارية يطأها لما جاز له لأنها أرادت مسرته ليس له ما ساءها، وإذا أعطيت رجلا مالا فجحدك وحلف عليه ثم أتاك بالمال بعد مدة وبما ربح فيه وندم على ما كان منه فخذ منه رأس مالك ونصف الربح ورد عليه نصف الربح هذا رجل تائب، فإن جحدك رجل حقك وحلف عليه ووقع له عندك مال فلا تأخذ منه إلا بمقدار حقك، وقل: اللهم إني أخذته مكان حقي، ولا تأخذ أكثر مما حبسه عليك وإن استحلفك أنك ما أخذت فجائز لك أن تحلف إذا قلت هذه الكلمة فإن حلفت أنت على حقك وحلف هو فليس لك أن تأخذ منه شيئا، فقد قال النبي ص:
من حلف بالله فليصدق ومن حلف له فليرض ومن لم يرض فليس من الله جل وعز، فإن