ومستعار في الإعراض ولأن الحالة التي يشيرون إليها من حصول الإيجاب والقبول هي حالة اجتماع لا افتراق لأنهما يختلفان في الثمن والثمن قبل تلك الحال ثم يجتمعان عليه ويعقدان البيع فهي حالة اجتماع لا افتراق وليس لأحد أن يعارض ما حكى عن أبي يوسف من حمله ذلك على افتراق الأبدان وهو أن يقول أحد العاقدين بعتك هذا العبد ولصاحبه أن يقبل فإن قبل القبول وتمام البيع لم يكن له أن يقبل بعد ذلك وانفسخ الإيجاب وذلك أنا قد بينا أن اسم المتبايعين لا يقع عليهما إلا بعد الإيجاب والقبول وحصولهما معا فما تأوله أبو يوسف بخلاف الظاهر وقد تعلقوا بما روي عنه ع أنه قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقبله فأثبت الاستقالة في المجلس والاستقالة إنما تثبت في عقد لازم والجواب أن المراد أنه لا يحل له أن يفارقه خشية أن يفاسخه ما ثبت له من الخيار المجلس فعبر عن الفسخ بالاستقالة يدل على ما ذكرناه وجهان أحدهما أنه ذكر أمر أيجب أن يقول بالتفريق والإقالة لا يقول بالتفرق وإنما الفسخ بحكم خيار المجلس يفوت بالتفرق والثاني أنه نهاه عن المفارقة خوفا من الاستقالة والاستقالة غير منهي عنها لأن الإقالة غير واجبة وإنما المنهي عنه فهو مفارقة المجلس خوف الفسخ لحق الخيار إليه لأنه منهي عنه أي أن يفارق صاحبه بغير إذنه ورضاه ليلزم العقد بذلك.
المسألة الرابعة والسبعون والمائة:
يجوز بيع المدبر وأم الولد. الذي يذهب إليه أصحابنا أن بيع المدبر جائز وأما أم الولد فإنما يجوز بيعها بعد موت ولدها، ووافقنا في جواز بيع المدبر من حاجة وغير حاجة الشافعي وعثمان البتي وقال أبو حنيفة وأصحابه وابن أبي ليلى والثوري والحسن لا يجوز بيع المدبر، وقال مالك لا يجوز بيع المدبر فإن باع مدبرة فأعتقها المشتري فالعتق جائز وينتقض التدبير والولاء للمعتق. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه الاجماع المتكرر ذكره وأيضا ما رواه جابر أن رجلا من الأنصار أعتق عبدا له عن دبر منه واحتاج فقال النبي: من يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها النبي، فإن قيل يحتمل أن يكون ذلك التدبير مقيدا مثل أن يقول إن مت من مرضي هذا فأنت حر لأنه قد روي عن أصحاب أبي