حنيفة أنهم أجازوا بيع المدبر إذا كان التدبير مقيدا قلنا التدبير في الخبر مطلق ولا نحمله على المقيد إلا بدليل، على أن حمله على المطلق يفيد الحكم في موضع الخلاف وحمله على المقيد لا يفيده فإن قيل نحمله على أنه ع آجره فنقل ابتياعه على أنه باع منافعه قلنا حقيقة البيع تقتضي بيع الرقبة فحمله على بيع المنافع عدول باللفظ عن حقيقة بلا دلالة فإن قيل كيف يبيعه بغير إذن مالكه قلنا يحتمل أن يكون استأذنه لكن ذلك لم ينقل لأنه لم يكن مقصودا وإنما المقصود جواز بيع المدبر على أنه باعه في الدين وللإمام أن يبيع في الدين من غير استئذان صاحب الملك فأما أم الولد فجميع فقهاء الأمصار في هذا الوقت يخالفون فيه ويمنعون من بيعها وقد وافقنا على جواز بيع أمهات الأولاد جماعة من السلف وأجازوا بيعهن ولم يفرقوا بين حياة الولد وموته كما فرقنا والذي يدل على جواز بيع أم الولد الاجماع المقدم ذكره وأيضا فإن أم الولد رق للمولى ولم يخرج بالولد من ملكه.
الدليل على صحة ذلك أنه إذا وطئها فإنما يطأها عند جميع الأمة بملك اليمين وإذا كانت في ملكه فبيع ما يملك جائز وكل خبر يروونه في تحريم بيع أمهات الأولاد حملناه على النهي عن بيعهن مع بقاء الأولاد.
المسألة الخامسة والسبعون والمائة:
معرفة مقدار رأس المال شرط في صحة السلم. ما أعرف لأصحابنا إلى الآن نصا في هذه إلا أنه يقوى في نفسي أن رأس مال السلم إذا كان معلوما بالمشاهدة مضبوطا بالمعاينة لم يفتقر إلى ذكر صفاته ومبلغ وزنه وعدده وهو المعمول عليه من قول الشافعي وقال أبو حنيفة إذا كان رأس مال السلم مكيلا أو موزونا أو مما يباع عددا فلا بد من ضبط صفاته وإن كان مما عدا ذلك جاز ألا يضبط صفاته. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه ما روي عن النبي ص أنه قال من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم فأذن النبي في السلم على هذه الصفة ولم يشترط سواها فثبت ما قلنا وليس للمخالف أن يقول إن السلم ربما انفسخ بأن يتعذر تسليمه فيحتاج أن يرجع المسلم إلى بذل الثمن فإذا كان خبرا فلا يمكن الرجوع إلى بذله لجهالته فافتقر صحة العقد إلى ضبط