والمنابذة وعن بيع الحصاة على التأويل الآخر ومعنى ذلك أن يجعل اللمس للشئ أو النبذ له وإلقاء الحصاة بيعا موجبا. واشترطنا عدم الإكراه لأن حصوله مفسد للعقد بلا خلاف، واستثنينا الموضع المخصوص وهو الإكراه في حق نحو إكراه الحاكم على البيع لإيفاء ما يلزم من حق لأنه يصح البيع معه بلا خلاف أيضا.
واعلم أن ما يقترن بعقد البيع من الشروط على ضروب:
منها ما هو فاسد مفسد للعقد بلا خلاف، نحو أن يشترط في الرطب أن يصير تمرا وفي الحصرم أن يصير عنبا وفي الزرع أن يسنبل، ومثل أن يسلف في زمن مثلا على أن يكون حادثا في المستقبل من شجر معين لأن ذلك غير مقدور على تسليمه، وهذا قد دخل فيما قدمناه.
ومنها ما هو صحيح والعقد معه كذلك، وهذا على ضربين: أحدهما لا خلاف فيه، نحو أن يشترط في العقد ما يقتضيه أو ما للمتعاقدين مصلحة فيه مثل أن يشترط القبض وجواز الانتفاع والأجل والخيار والرهن والكفيل، والثاني فيه خلاف، وهو أن يشترط ما يمكن تسليمه نحو أن يشترى ثوبا على أن يخيطه البائع أو يصبغه أو يبيعه شيئا آخر أو يبتاع منه، وأن يبيع ويشترط على المشتري إن رد الثمن عليه في وقت كذا كان المبيع له، وأن يشترط على مشتري العبد عتقه. ويدل على صحة العقد مع ذلك الاجماع الماضي ذكره وظواهر القرآن ودلالة الأصل، ويحتج على المخالف في صحة هذه الشروط بما رووه من قوله ص: المؤمنون عند شروطهم، ومن قوله: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب ولا سنة، وبما رووه من خبر جابر أن النبي ص لما ابتاع منه البعير بمكة شرط عليه أن يحمله عليه إلى المدينة وأنه ع أجاز البيع والشرط.
ومن الشروط ما هو فاسد بلا خلاف غير مفسد للعقد وفي ذلك خلاف، نحو أن يشترط ما يخالف مقتضى العقد مثل أن لا يقبض المبيع أو لا ينتفع به، أو يشترط ما يخالف السنة نحو أن يشترط بائع العبد أن يكون ولاؤه له إذا أعتق، ويدل على صحة العقد ما قدمناه من الاجماع وظاهر القرآن ودلالة الأصل، ونحتج على المخالف بما رووه من خبر بريرة وأن مولاتها شرطت على عائشة حين اشترتها أن يكون ولاؤها لها إذا أعتقها فأجاز النبي صلى