يكون هذا الماء قد انحدر من جسد انسان نجس، وأما النجاسة في ماء الحفرة فيكفي فيه أن يكون شئ منه قد انحدر من جسم انسان نجس إليه، إذ بوقوعه فيها يتنجس تمام ماء الحفرة. ومن الواضح أن احتمال أن يكون هذا الماء الموجود في الممر فعلا نجسا أضعف من احتمال أن يكون واحد على الأقل من المياه التي تجمعت في الحفرة نجسا. هذا إذا لم نقل بأن المتنجس ينجس الماء وإلا فالأمر كما ذكرناه سابقا.
ومنها: - معتبرة محمد بن مسلم قال: " قلت لأبي عبد الله (ع) الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغسل من مائه؟. قال: نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب، ولقد اغتسلت فيه وجئت فغسلت رجلي وما غسلتهما إلا بما لزق بهما من التراب " (1). والاستدلال بها قد يكون بلحاظ صدرها، وهو قول السائل: " الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغسل من مائه "، بدعوى اطلاق ماء الحمام فيه لماء الغسالة. وقد يكون بلحاظ قوله " ولقد اغتسلت فيه "، الظاهر في احتواء الماء له بقرينة الظرفية المناسب لماء الغسالة لا ماء الحياض الصغار. وقد يكون بلحاظ قوله: وما غسلتهما إلا بماء لزق بهما من التراب "، الظاهر في نفي المحذور من سائر الجهات.
ويرد على اللحاظ الأول: ظهور عنوان ماء الحمام في الماء المعد للاستحمام وهو يختص بماء الحياض، فلا يراد به مطلق ما في الحمام من ماء ليتمسك بإطلاقه لماء الغسالة. ويرد على اللحاظ الثاني: إن الضمير في قوله " ولقد اغتسلت فيه " يرجع إلى الحمام لا إلى ماء الحمام، ولا أقل من الاحتمال الموجب لسقوط القرينة المدعاة. ويرد على اللحاظ الثالث: أنه ناظر إلى الممر، وبصدد بيان أن الاستطراق إنما أوجب الغسل لاستقذار عرفي لا لنجاسة شرعية.