وهناك رواية أخرى وهي معتبرة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع):
" قال: سألته عن ماء الحمام فقال: أدخله بإزار ولا تغتسل من ماء آخر إلا أن يكون فيهم (فيه خ ل) جنب، أو يكثر أهله فلا يدري فيهم جنب أم لا " (1). وقد تقدم الكلام عنها في بحث الماء المستعمل من هذا الشرح (2)، وإن المستظهر منها إرادة ماء الحياض الصغار من ماء الحمام، وعليه تكون خارجة عن محل الكلام، وهو غسالة الحمام أي المياه التي تتجمع في الحفرة نتيجة ما ينفق من ماء الحياض الصغار. ولو سلم ورودها في محل الكلام فلا دلالة فيها على النجاسة، لأن عدم جواز الاغتسال كما يناسب ذلك كذلك يناسب افتراض مجذور في الماء المستعمل.
ومرد الفرق بين هذه الرواية والروايات السابقة من هذه الناحية إلى اقتصارها على ذكر الجنب على نحو لا يتم الأمر الأول من الأمرين المشار إليهما في تقريب الاستدلال. وأما الروايات السابقة فالاستدلال بها على تخصيص قاعدة الطهارة غير تام " من ناحية أن كلمة الشريه المأخوذة في تلك الروايات ظاهرة في الحزازة المعنوية لأنها مقابلة للخير، على عكس النجاسة المقابلة للنظافة فإنها ظاهرة في الحزازة المادية، وهذا على الأقل يوجب اجمالا في الروايات وعدم ظهورها في الحكم بالنجاسة بالمعنى المصطلح.
ومن ناحية ثانية: أن من جملة المذكورات في بعض تلك الروايات ولد الزنا، ومن المعروف بين المسلمين طهارته، وهذه المعروفية والارتكاز بنفسه يمكن أن يكون بمثابة القرينة المتصلة على أن النظر في النهي ليس إلى النجاسة بل إلى حزازة معنوية، فيوجب الاجمال على أقل تقدير.
ومن ناحية ثالثة: أن الأدلة التي دلت على طهارة أهل الكتاب