بنفسها تشكل قرينة منفصلة على أن النهي في هذه الروايات تنزيهي.
ومن ناحية رابعة: أنه إن بني على نجاسة العناوين المذكورة في الروايات فيمكن دعوى الاطمئنان بنجاسة ما في الحفرة غالبا، لأن ماء الحفرة يتراكم بعضه على بعض ويبقى مددا طويلة، فلا تكون الروايات المذكورة معارضة لقاعدة الطهارة إلا بلحاظ فروض نادرة يمكن الالتزام فيها بتقديم القاعدة، بل لو بني على أن المتنجس ينجس الماء القليل فيمكن أن يدعى الجزم بنجاسة ماء الحفرة دائما، لأن نفس الحفرة متنجسة وهي لا تطهر عادة أو يجرى استصحاب عدم تطهيرها، فتكون منجسة لما يرد إليها من ماء.
الجهة الثانية: في الروايات المدعى نفيها للنجاسة الظاهرية الآنفة الذكر وهي عديدة:
منها: - رواية محمد بن مسلم. قال: " رأيت أبا جعفر (ع) جائيا من الحمام وبينه وبين داره قذر، فقال: لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي، ولا يجنب ماء الحمام " (1).
ومنها: - رواية زرارة قال: " رأيت أبا جعفر (ع) يخرج من الحمام فيمضي كما هو لا يغسل رجليه حتى يصلي " (2).
والروايتان معا معتبرتان سندا. وأما من حيث الدلالة فمصب النظر فيهما إلى ماء الحمام المبثوث في الممر وإلى أنه ليس بنجس، وهذا غير ماء الغسالة المتجمع في الحفرة الذي يدعى اجراء أصالة النجاسة فيه، فلا يمكن الاستدلال في المقام بمثل هاتين الروايتين إلا مع الجزم بعدم الفرق، مع أن الفرق محتمل لأن احتمال نجاسة الماء الواقع في الممر رهين باحتمال أن