العرق لقيل إنه يكشف عن النجاسة ولا يلائم المانعية لا طلاقه حتى لحالة جفاف العرق وزواله، ولكنه قد انصب في الروايتين على نفس العرق فالمأمور بغسله هو العرق، فلا اطلاق فيه لفرض زواله لكي يجعل هذا الاطلاق شاهدا على أنه بلحاظ النجاسة لا المانعية.
وكلتا القرينتين غير مانعتين عن الاستدلال.
أما الأولى، فلعدم وجود ما يدل على التفريع أصلا، وإنما هناك ترتب في الذكر، وهو بمجرده لا يكون قرينة على التفريع وكون الأمر بالغسل ناظرا إلى مانعية ما لا يؤكل لحمه، خصوصا أن الرواية ليس فيها ذكر للصلاة أو افتراض للتهيؤ لها، والعرق الذي يصيب الانسان من الإبل الجلال يجف عادة في مدة قصيرة، وكبرى مانعية ما لا يؤكل لحمه ليست أمرا مر كوزا وقتئذ في أذهان المتشرعة ارتكازا يساعد على انصراف الذهن إليها من الأمر بالغسل.
وأما الثانية، فلأن دلالة الأمر بالغسل على النجاسة لا مجرد المانعية ليست نكتتها منحصرة بالاطلاق المذكور، ليقال بعدم تأتي هذه النكتة في المقام، بل يمكن أن يكون بنكتة ظهور نفس مادة الغسل في قذارة المغسول أو بنكتة ظهور الأمر في تعين الغسل، مع أن النظر لو كان إلى المانعية لما انحصر دفع المحذور بذلك كما هو واضح. وعليه فالمصير إلى دلالة الروايتين على النجاسة ليس ببعيد.
وأما الفرع الثاني، فمدرك النجاسة فيه الروايتان السابقتان أيضا.
أما الأولى، فبما تقدم مع ضم دعوى أن الإبل أخذ بنحو المثالية، وإن مناسبات الحكم والموضوع المركوزة تلغي خصوصيته. وأما الثانية، فبلحاظ اطلاقها.
وقد يناقش في هذا الاطلاق، تارة: بالحمل على خصوص الإبل الجلالة، بناءا على اختصاص الرواية الأولى بها، من باب حمل المطلق