وأما إذا كان المفروغ عنه عدم جواز اهمال الغسل لا بلحاظ النجاسة بل تنزيلها للمسجد عن كل ما يشين فلا يتم الاستدلال لأن مثل هذه الكبرى أوسع من المدعى فإذا كان من المعلوم عدم وجوب التنزيه بهذا العرض العريض فلا يبقى ما يدل على المطلوب وقد يقرب أن الملحوظ في الغسل ليس هو النجاسة تارة باستبعاد عدم معرفة علي بن جعفر لطهارة بول الدابة وأخرى بأم الملحوظ لو كان هو النجاسة فأي فرق بين فرضي الجفاف وعدمه ويمكن دفع المقرب الأول بعدم التسليم بأن طهارة بول الدواب كان واضحا في ذلك الزمان مع كثرة ما صدر منهم من الأمر بالغسل منه وشيوع السؤال عنه من كبار الرواة من أمثال محمد بن مسلم وزرارة بل من علي بن جعفر في روايتين (1) أيضا ويمكن دفع المقرب الثاني بأن احتمال كون الجفاف مؤثرا في عدم وجوب الاسراع بالغسل وجواز تأخيره إلى ما بعد الصلاة ليس على خلاف الارتكاز العرفي ولو سلم كونه كذلك فليكن هذا الارتكاز مقيدا بما إذا جف بالشمس بناء على مطهرية الشمس ولكن يبقى على أي حال احتمال أن تكون الكبرى المفروغ عنها هي كبرى التنزيه عن كل ما يشين التي لا يمكن الالتزام بالوجوب فيها اللهم إلا أن يقال إنه لا مانع من الالتزام بالوجوب في حدود هذه الكبرى أيضا إلا ما خرج بدليل والتطهير من النجس الشرعي هو المتيقن منها ومما استدل به في المقام روايتان للحلبي ولعلها واحدة رويت بطريقين إحداها ما ينقله الكليني بسنده عن محمد الحلبي قال " نزلنا في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله (ع) فقال: أين نزلتم؟
فقلت: نزلنا في دار فلان: إن بينكم وبين المسجد زقاقا قذرا. وقلنا له