دليل الانفعال فقد يتم التقريب الثالث بعد اعمال تلك العناية الارتكازية.
ولكن قد يقال: إن التقريب الثالث لا يمكن تتميمه باعمال الارتكاز العرفي المذكور لأن سراية القذارة إذا كانت في المرتكز العرفي بلحاظ سراية الأثر وسراية الأثر أمر تدريجي في الأجزاء لاستحالة الطفرة فهذا يتطلب التدرج الزماني لا الرتبي فقط ولا يناسب مع نجاسة جميع المائع في آن واحد فالتحليل الارتكازي المذكور يناسب التقريب الثاني وقد تكون ضآلة الزمان الذي يتطلبه سريان الأثر وعدم امكان ضبطه عادة حكمة لاستقرار الارتكاز العرفي في باب المائعات على البناء على نجاسة المائع وقذارته بالملاقاة دفعة واحدة واعمال مثل هذه الحكمة لا يجعل الحكم بالسراية تعبديا بحتا كما هو واضح.
هذا كله في تطبيق دليل الانفعال في المائعات وأما تطبيقه في الجامد فمقتضى الجمود على العنوان المأخوذ فيه تطبيق عنوان الملاقي على الجزء خاصة فلا تسري النجاسة إلى سائر الأجزاء ولا يوجد ارتكاز عرفي للسراية هنا ليحكم على الدليل ويؤخذ قرينة على تطبيق عنوان الملاقي على الجسم الجامد كله كما كان الحال في المائعات وعليه فلا موجب لاستفادة نجاسة ما عدا الجزء الملاقي وهذا فيما إذا لم تكن الأجزاء الأخرى مرطوبة برطوبة مسرية في غاية الوضوح وكذلك إذا كانت فيها رطوبة ولكن يفصل بينها وبين الجزء الملاقي منطقة جافة إذ لو قيل بنجاسة سائر الأجزاء المرطوبة فإن كان كذلك في ضمن نجاسة الجسم بتمامه بما فيه المنطقة الجافة فهذا خلف اشتراط الرطوبة في السراية وإن كان ذلك مع الحكم بطهارة المنطقة الجافة فهذا معناه طفرة النجاسة وهو على خلاف المرتكز العرفي جزما. وأما إذا كان الجسم كله رطبا برطوبة مسرية فقد يتوهم تطبيق عنوان الملاقي عليه بتمامه وحينئذ يقتضي دليل الانفعال نجاسته