على دليل الانفعال وتنزيل للدليل على المناسبات المركوزة فلا بد من ملاحظة هذه المناسبات ومدى اقتضائها للتوسعة نعم لو كان ذلك حكما تعبديا معلقا في دليله على عنوان المائع كان دائرا مدار صدق هذا العنوان.
وتفصيل الكلام - أما بلحاظ الارتكاز فقد اتضح سابقا إن نكتة السراية في المائع كون أجزائه مما ينفذ بعضها في البعض ومن هنا يمكن أن يقال بأن التنجيس في الجامد والمائع يمتد على نحو واحد إذ يشمل الملاقي المباشر ودائرة صلاحية هذا الملاقي للانتشار والنفوذ ولما كانت هذه الدائرة في الجامد لا تزيد على نفسه فلا سراية ولما كانت في المائع تزيد عليه ثبتت السراية ولما كان الميعان هو الميزان في توسعة هذه الدائرة فكلما كان الميعان أكمل وأشد كانت دائرة السراية أوسع وهذا التحليل الارتكازي قد ينتهي بنا إلى ميزان عملي كلي واحد وهو أن السراية إنما تمتد إلى المقدار الذي يمكن عرفا عزله وفصله عن الباقي بحيث يرى عرفا أن النجاسة قد طوقت ضمن ذلك المقدار فلا ينجس ما زاد عليه والضابط المذكور في المتن يجب أن يفهم حينئذ باعتباره تطبيقا لهذا الميزان فبقاء مكان المأخوذ خاليا مشير عرفا إلى تحدد دائرة النفوذ وامكان تطويق النجاسة ضمن هذا المقدار.
والروايات الخاصة الواردة في أقسام المائع وكيفية انفعالها لا تخرج في مفادها عما ذكرناه وذلك لأنها على قسمين أحدهما - ما لم يعلق فيه الحكم بالسراية بعنوان الميعان من قبيل معتبرة معاوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال " قلت: جرذ مات في زيت أو سمن أو عسل فقال أما السمن والعسل فيؤخذ الجرذ وما حوله والزيت يستصبح به " (1) فقد فرق بين الزيت وبين السمن والعسل دون أن تذكر نكتة الفرق فينزل على المرتكز العرفي وهو يناسب قوله (فيؤخذ الجرذ وما حوله) إذ يفهم منه عرفا