الاتصال بما أنه كذلك لا يكفي في الحكم بالنجاسة وإنما الموضوع للحكم بها الإصابة والملاقاة وإصابة النجس مختصة بجزء من الجامد وغير متحققة في الجميع (1).
ونلاحظ أن هذا البيان لم يبرز وجها للفرق بين المائع والجامد يفسر على أساسه كون المائع شيئا واحدا يطبق عنوان الملاقي على تمامه بينما لا يطبق في الجامد إلا على الجزء المماس مباشرة فبالنسبة إلى الجامد المرطوب كله تارة يتساءل أنه لماذا لم ينجس كله بنفس إصابة النجاسة لجزء منه وأخرى يتساءل لماذا لم تسر النجاسة من جزء منه إلى جزء آخر بالاتصال والبيان المذكور إنما نظر إلى الجواب على التساؤل الثاني ولم يجب على التساؤل الأول بابراز فرق بين المائع والجامد من هذه الناحية.
التقريب الثاني - أن ملاقاة النجس لا توجب إلا نجاسة الجزء الملاقي غير أن هذا الجزء في الجامد يكون ساكنا فلا تسري منه النجاسة إلى غيره إلا بعناية بخلافه في المائع لأن أجزاء المائع سيالة متغلغلة فالجزء المتنجس منه يسري ويتوزع في المائع فينجس كله.
وهذا التقريب - لو تم لاستغنى عن ضم الارتكاز ولكنه لا يفي بتفسير المقصود لأن اللازم منه كون سراية النجاسة في المائع تدريجية مع أن المقصود اثبات نجاسة المائع في آن واحد وستأتي تتمة الكلام عن ذلك.
التقريب الثالث أن يقال إن دليل الانفعال في الجوامد والمائعات على نحو واحد لا يدل إلا على نجاسة الجزء الملاقي فقط ولكن نجاسة الجزء الملاقي في المائع تستدعي نجاسة الأجزاء الأخرى أيضا دفعة واحدة لأنها كلها متلاقية مع وجدان الرطوبة وهذا بخلاف أجزاء الجامد فإنها وإن كانت متلاقية ولكن بدون رطوبة وهذا التقريب يفسر نجاسة جميع أجزاء