الاتصال والملاقاة لأن الملاقاة ليست إلا عبارة عن تلاقي الجسمين وذلك لا يكون إلا بالاتصال والمماسة فملاقاة جسم لجسم آخر من أي جهة أو جزء هي عين اتصاله به في تلك الجهة أو الجزء. وأما الثاني فلأن الاتصال بما هو اتصال بعد الملاقاة أو اتصال قبل الملاقاة لا دخل له في السراية لوضوح أننا لو قطعنا الجسم الجامد المرطوب كالخشبة التي لاقت الكلب مثلا بجزء منها وجعلناه قطعا عديدة ثم أعدناها إلى هيئتها الأولى وأوصلنا بعضها ببعض فلا تسري النجاسة إلى غير الجزء النجس مع أن الاتصال هنا بعد الملاقاة كما أن المائع في داخل الإناء إذا انقلب إلى خمر سرت النجاسة منه إلى الإناء بلا اشكال مع أن الاتصال هنا بين الماء والإناء حاصل قبل الملاقاة كل هذا يوضح إن المسألة غير مرتبطة بكون الاتصال قبل الملاقاة أو بعدها بل هناك نكتة أخرى للسراية إذا وجدت سرت النجاسة سواءا كان الاتصال قبل الملاقاة أو بعدها وإذا لم توجد فلا سراية مطلقا وتلك النكتة التي بتحديدها يتوضح الجواب على هذه الشبهة إن الاتصال والملاقاة بين النجس والجامد ليس إلا بلحاظ السطح المواجه للجنس والمماس له لا السطح الآخر الملاقي للجزء الثاني من أجزاء الجسم الجامد وبهذا يعرف السبب في عدم التنجس عندما نقطع أجزاء الجسم الواحد ثم نعيدها إلى هيئتها الأولى والسبب في سراية النجاسة من المائع إلى الإناء عند تحوله إلى خمر.
الثاني: وهو بيان أحسن من سابقة وحاصله أننا حينما نفرض رطوبة الجسم الجامد بالمرتبة الثالثة من الرطوبة التي اعتبرها جماعة من الأعلام شرطا في السراية فمعنى ذلك أن طبقة مائية لها جرم يفترض وجودها على الجسم المرطوب فإذا لاقى النجس الجسم المرطوب فقد لاقى تلك الطبقة فيحكم وفقا لقاعدة السراية في المائعات بنجاسة تمام تلك الطبقة