إلا في الرطوبة من المرتبتين الأخيرتين هذا مضافا إلى شواهد أخرى في الروايات أيضا وإلى الارتكاز العرفي الذي ينيط السراية بالرطوبة المقابلة للجفاف بمعناه الشامل للمرتبة الأولى من الرطوبة لا بالرطوبة المقابلة لليبوسة المتقومة بعدم الرطوبة بمراتبها الثلاث، وعليه فالأقرب اشتراط السراية بالرطوبة المسرية القابلة للانتقال سواءا صدق عليها عنوان الماء أو لا.
ولكن قد يستشكل في ذلك بلحاظ رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى قال: سألته عن رجل مر بمكان قد رش فيه خمر قد شربته الأرض وبقي نداوته أيصلي فيه قال إن أصاب مكانا غيره فليصل فيه وإن لم يصب فليصل ولا بأس (1). فإن الترخيص في الصلاة على ذلك المكان مع عدم الأمر بغسله أو وضع ما يمنع الملاقاة يدل على عدم سراية النجاسة منه إلى المصلي بالملاقاة مع أن نداوة الخمر فيه ومقتضى اطلاقه الشمول للمرتبة الثانية من الرطوبة نعم لا يشمل المرتبة الثالثة لأن فرضها فرض وجود الخمر في المكان وهو خلف قوله (قد شربته الأرض) فتكون هذه الرواية دالة باطلاقها على عدم كفاية المرتبة الثانية من الرطوبة في السراية فلا بد من ملاحظة نسبتها إلى ما يفرض دلالته بالاطلاق على كفاية المرتبة الثانية فقد توقع المعارضة بين اطلاق هذه الرواية للمرتبة الثانية واطلاق ما دل على إناطة السراية بالأثر ونحوه لتلك المرتبة وبعد التساقط يرجع إلى المطلق الفوقاني الدال على السراية مطلقا ولكن الانصاف إن هذه الرواية قد يدعى الاطلاق فيها للمرتبة الثالثة أيضا حيث إن شرب الأرض للخمر لا ينافي بقاء أجزاء ضئيلة منه وعليه فهي ظاهرة في طهارة الخمر وتكون