فيبادله في موارده، فتارة يبادل التصور - أي يكون في مورده - واخرى يبادل التصديق - أي يكون في مورده - فيصح بالمناسبة أن نسمي الأول " الجهل التصوري " (1) والثاني " الجهل التصديقي " (2).
ثم إنهم يقولون (3): إن الجهل ينقسم إلى قسمين: بسيط ومركب. وفي الحقيقة: أن الجهل التصديقي خاصة هو الذي ينقسم إليهما، ولهذا اقتضى أن نقسم الجهل إلى تصوري وتصديقي ونسميهما بهذه التسمية. أما الجهل التصوري فلا يكون إلا بسيطا كما سيتضح. ولنبين القسمين، فنقول:
1 - الجهل البسيط: [هو] أن يجهل الإنسان شيئا وهو ملتفت إلى جهله (4) فيعلم أنه لا يعلم، كجهلنا بوجود السكان في المريخ، فإنا نجهل ذلك ونعلم بجهلنا، فليس لنا إلا جهل واحد.
2 - الجهل المركب: [هو] أن يجهل شيئا وهو غير ملتفت إلى أنه جاهل به، بل يعتقد أنه من أهل العلم به، فلا يعلم أنه لا يعلم، كأهل الاعتقادات الفاسدة الذين يحسبون أنهم عالمون بالحقائق وهم جاهلون بها في الواقع. ويسمون هذا مركبا، لأنه يتركب من جهلين: الجهل بالواقع والجهل بهذا الجهل، وهو أقبح وأهجن القسمين. ويختص هذا في مورد التصديق، لأنه لا يكون إلا مع الاعتقاد.