العجماوات (1). ولا بأس ببيان موطن هذا الامتياز من أقسام العلم الذي نبحث عنه، مقدمة لتعريف العلم ولبيان علاقة المنطق به، فنقول:
1 - إذا ولد الإنسان يولد وهو خالي النفس من كل فكرة وعلم فعلي سوى هذا الاستعداد الفطري. فإذا نشأ وأصبح ينظر ويسمع ويذوق ويشم ويلمس، نراه يحس بما حوله من الأشياء ويتأثر بها التأثر المناسب، فتنفعل نفسه بها، فنعرف أن نفسه التي كانت خالية أصبحت مشغولة بحالة جديدة نسميها " العلم " وهي العلم الحسي الذي هو ليس إلا حس النفس بالأشياء التي تنالها الحواس الخمس: الباصرة، السامعة، الشامة، الذائقة، اللامسة. وهذا أول درجات العلم، وهو رأس المال لجميع العلوم (2) التي يحصل عليها الإنسان، ويشاركه فيه سائر الحيوانات التي لها جميع هذه الحواس أو بعضها.
2 - ثم تترقى مدارك الطفل فيتصرف ذهنه في صور المحسوسات المحفوظة عنده، فينسب بعضها إلى بعض: هذا أطول من ذاك، وهذا الضوء أنور من الآخر أو مثله... ويؤلف بعضها من بعض تأليفا قد لا يكون له وجود في الخارج، كتآليفه لصور الأشياء التي يسمع بها ولا يراها، فيتخيل البلدة التي لم يرها مؤلفة من الصور الذهنية المعروفة عنده من مشاهداته للبلدان. وهذا هو " العلم الخيالي " (3) يحصل عليه الإنسان بقوة الخيال،