ليتركه يفصلها ثم يناقشه فيها. أو هو يتولى تفصيلها ليذكر أي المعاني يصح السؤال عنه وأيها لا يصح. وفي هذه قد تحصل فائدة أخرى، فإنه بتفصيل المعاني المشتركة قد تنبثق له طريقة للهرب عما يلزمه به السائل، بأن يعترف - مثلا - بأحد المعاني الذي لا يلزم منه نقض وضعه.
ثالثا: إذا لم تنجح الطريقة الثانية - وهي طريقة الإشغال والإرباك - يحاول إن استطاع الامتناع من الاعتراف بما يستلزم نقض وضعه.
وينبغي أن يعلم أنه لا ضير عليه بالاعتراف بالمشهورات إذا كان وضعه مشهورا حقيقيا، لأنه غالبا لا ينتج المشهور إلا مشهورا، فلا يتوقع من المشهورات أن تنتج ما يناقض وضعه المشهور.
وليس معنى الهرب من الاعتراف ان يمتنع من الاعتراف بكل شئ يلقى عليه، فإن هذه الحالة قد تظهره أمام الجمهور بمظهر المعاند المشاغب، فيصبح موضعا للسخرية والنقد، بل يحاول الهرب من الاعتراف بخصوص ما يوجب نقض وضعه.
رابعا: إذا وجد أن الطريقة الثالثة لا تنفع - وهي طريقة الهرب من الاعتراف - (وذلك عندما يكون المسؤول عنه الذي يحذر من الاعتراف به مشهورا مطلقا، لأن العناد في مثله أكثر قبحا من الالتزام به) فعليه ألا يعلن عن إنكاره له صراحة، لأنه لو فعل ذلك في مثله فهو يخسر أمام الحاضرين كرامة نفسه، وفي نفس الوقت يخسر وضعه الملتزم له، فلا مناص له حينئذ من اتباع أحد طريقين:
الأول: أن يعلن الاعتراف. ولا ضير عليه في ذلك، لأنه إن دل على شئ فإنما يدل على ضعف وضعه الذي يلتزمه لا على قصور نفسه وعلمه. وهذا وإن كان من وجهة يكشف عن قصور نفسه إذ يلتزم بما لا ينبغي الالتزام به، ولكن ينبغي له لتلافي ذلك في هذا الموقف - وهو أدق المواقف التي تمر على المجيب المنصف المحب للحق والفضيلة - أن يعلن