كمثال استقراء بعض الحيوانات: أنها تحرك فكها الأسفل عند المضغ.
ولكن هذا الاستنباط قابل للنقض، فلا يكون الحكم فيه قطعيا. وعلى هذا النحو اقتصر (1) نظر المنطقيين القدماء في بحثهم.
2 - أن يبنى مع ذلك على التعليل أيضا. بأن يبحث المشاهد لبعض الجزئيات عن العلة في ثبوت الوصف، فيعرف أن الوصف إنما ثبت لتلك الجزئيات المشاهدة لعلة أو خاصية موجودة في نوعها ولا شبهة عند العقل أن العلة لا يتخلف عنها معلولها أبدا. فيجزم المشاهد المستقري حينئذ جزما قاطعا بثبوت الوصف لجميع جزئيات ذلك النوع وإن لم يشاهدها. كما إذا شاهد الباحث أن بعض العقاقير يؤثر الإسهال فبحث عن علة هذا التأثير وحلل ذلك الشئ إلى عناصره، فعرف تأثيرها في الجسم الإسهال في الأحوال الاعتيادية، فإنه يحكم بالقطع أن هذا الشئ يحدث هذا الأثر دائما.
وجميع الاكتشافات العلمية وكثير من أحكامنا على الأمور التي نشاهدها من هذا النوع، وليست هذه الأحكام قابلة للنقض، فلذلك تكون قطعية، كحكمنا بأن الماء ينحدر من المكان العالي، فإنا لا نشك فيه، مع أنا لم نشاهد من جزئياته إلا أقل القليل، وما ذلك إلا لأنا عرفنا السر في هذا الانحدار. نعم إذا انكشف للباحث خطأ ما حسبه أنه علة وأن للوصف علة أخرى فلابد أن يتغير حكمه وعلمه.
3 - أن يبنى على بديهة العقل، كحكمنا بأن الكل أعظم من الجزء، فإن تصور " الكل " وتصور " الجزء " وتصور معنى " أعظم " هو كاف لهذا الحكم.
وليس هذا في الحقيقة استقراء، لأنه لا يتوقف على المشاهدة، فإن تصور