ومجموع زوايا المثلث فتسأل في نفسك هل هما متساويان؟ وتشك في تساويهما، تحدث عندك صورة لنسبة التساوي بينهما، وهي من التصور المجرد أيضا.
فإذا برهنت على تساويهما تحصل لك حالة جديدة مغايرة للحالات السابقة، وهي إدراكك لمطابقة النسبة للواقع المستلزم لحكم (1) النفس واذعانها وتصديقها بالمطابقة (2). وهذه الحالة - أي الصورة المطابقة للواقع التي تعقلتها وأدركتها - هي التي تسمى بالتصديق، لأنها إدراك يستلزم تصديق النفس وإذعانها (3)، تسمية للشئ باسم لازمه الذي لا ينفك عنه.
إذا إدراك زوايا المثلث، وإدراك الزاويتين القائمتين، وإدراك نسبة التساوي بينهما، كلها تصورات مجردة لا يتبعها حكم وتصديق. أما إدراك أن هذا التساوي صحيح واقع مطابق للحقيقة في نفس الأمر فهو تصديق.
وكذلك إذا أدركت أن النسبة في الخبر غير مطابقة للواقع، فهذا الإدراك تصديق.
تنبيه: إذا لاحظت ما مضى يظهر لك: أن التصور والإدراك والعلم (4) كلها ألفاظ لمعنى واحد، وهو " حضور صور الأشياء عند العقل ".
فالتصديق أيضا تصور، ولكنه تصور يستتبع الحكم وقناعة النفس