معنى ونوعا عن نوع حتى تحصل له مجموعة من المعاني والمفاهيم.
وما زال البشر على ذلك حتى استطاع أن يضع لكل واحد من المعاني التي توصل إليها في التقسيم لفظا من الألفاظ، ولولا القسمة لما تكثرت عنده المعاني ولا الألفاظ.
ثم استعان بالعلوم والفنون على تدقيق تلك الأنواع وتمييزها تمييزا ذاتيا. ولا يزال العلم عند الإنسان يكشف له كثيرا من الخطأ في تقسيماته وتنويعاته، فيعدلها. ويكشف له أنواعا لم يكن قد عرفها في الموجودات الطبيعية، أو الأمور التي يخترعها منها ويؤلفها، أو مسائل العلوم والفنون.
وسيأتي كيف نستعين بالقسمة على تحصيل الحدود والرسوم وكسبها، بل كل حد إنما هو مؤسس من أول الأمر على القسمة. وهذا أهم فوائد القسمة.
وتنفع القسمة في تدوين العلوم والفنون، لتجعلها أبوابا وفصولا ومسائل متميزة، ليستطيع الباحث أن يلحق ما يعرض عليه من القضايا في بابها، بل العلم لا يكون علما ذا أبواب ومسائل وأحكام إلا بالقسمة، فمدون علم النحو - مثلا - لابد أن يقسم الكلمة أولا، ثم يقسم الاسم مثلا إلى نكرة ومعرفة، والمعرفة إلى أقسامها، ويقسم الفعل إلى ماض ومضارع وأمر، وكذلك الحرف وأقسام كل واحد منها، ويذكر لكل قسم حكمه المختص به... وهكذا في جميع العلوم.
والتاجر - أيضا - يلتجئ إلى القسمة في تسجيل دفتره وتصنيف أمواله، ليسهل عليه استخراج حساباته ومعرفة ربحه وخسارته، وكذلك باني البيت، ومركب الأدوات الدقيقة يستعين على إتقان عمله بالقسمة.
والناس من القديم قسموا الزمن إلى قرون وسنين وأشهر وأيام وساعات ودقائق لينتفعوا بأوقاتهم ويعرفوا أعمارهم وتاريخهم.
وصاحب المكتبة تنفعه قسمتها حسب العلوم أو المؤلفين، ليدخل أي