ثانيا بعد ايجادها فبعقل واحد كان يعقلها سابقا ولاحقا (1) وبعين واحده كان يراها في الأزل واحده وبعد الأزل متكثرة فهذا تقرير مذهبهم على الوجه الصحيح المطابق للقوانين الحكمية البحثية لكنهم لاستغراقهم بما هم عليه من الرياضات والمجاهدات وعدم تمرنهم في التعاليم البحثية والمناظرات العلمية ربما لم يقدروا على تبيين مقاصدهم وتقرير مكاشفاتهم على وجه التعليم أو تساهلوا ولم يبالوا عدم المحافظة على أسلوب البراهين لاشتغالهم بما هو أهم لهم من ذلك ولهذا قل من عباراتهم ما خلت عن مواضع النقوض والايرادات ولا يمكن اصلاحها وتهذيبها الا لمن وقف على مقاصدهم بقوة البرهان وقدم المجاهدة.
ذكر وتصريح قد مر في مباحث الصفات ان المراد بكون صفاته تعالى عين ذاته ما هو وان ذاته من حيث وجوده وهويته مما يفنى الصفات والتعينات و المفهومات حتى مفهوم الذات ومفهوم الوجود والهوية فلا إشارة إليه ولا اسم ولا رسم لأن هذه الأمور كلها طبائع كليه والذات هويه شخصية صرفه لا خبر عنها ويقال لها مرتبه الأحدية وغيب الغيوب وباعتبار هذه المدلولات التي هي أيضا بوجه عين الذات ويقال لها مرتبه الإلهية والواحدية فجائت الكثرة كم شئت إذ في هذه المرتبة تتميز الصفة عن الذات وتتميز الصفات بعضها عن بعض فيتميز العلم عن القدرة وهي عن الإرادة فيتكثر الصفات وبتكثرها يتكثر الأسماء ويتكثر مظاهرها ويتميز الحقائق الإلهية الموجودة بوجود واحد الهى بعضها عن بعض بالمهية كما يتميز الصور العقلية والحقائق الإفلاطونية التي هي بإزاء ها ومربوباتها بعضها عن بعض بالوجود فهناك مقام الجمع ومرتبة الهوية الأحدية مقام جمع الجمع وهيهنا مقام الفرق وإذا أنزلت الحقائق من هذا العالم إلى مرتبه الصور النفسانية صارت إلى مقام فرق الفرق وعلى هذا المنوال إلى أن يصل إلى مقام من الكون يكون وجودها عين استعداد العدم وكونها عين قوة الفساد وبقائها عين التجدد والانقضاء و