أنه لا يجوز أن يبيع شيئا معينا ليس عنده قبل أن يملكه ويجوز أن يبيع أمرا كليا موصوفا في الذمة، ويحتمل الكراهة والنسخ والتقية في الرواية لما مضى ويأتي انتهى، وإن شئت قلت: ظاهر الرواية المنع عن بيع ما لم يكن حاضرا عنده فإذا امتنع الأخذ بهذا الظاهر فليس التصرف بالموضوع بحمله على ما ذكر أولى من التصرف في الحكم بالحمل على الكراهة، بل الثاني أقرب - مع أن حمل الكلام على السلطنة الفعلية على التصرف بحيث لا يكون موقوفا على مقدمة مقدورة مما لا يمكن الالتزام به لندرة الفرض - مضافا إلى أن تمسك الخاصة على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة لم يثبت كونه بهذا الحديث بل الظاهر أنه كان بالنصوص الصحيحة الصريحة التي أشرنا إليها (وأما) تمسك العامة به فقد عرفت أن الذي يظهر من نصوصنا أنه كان استدلالهم به على جواز بيع ما لم يكن حاضرا سواء أكان شخصيا أم ذميا فلاحظ وتأمل. هذا وأما الايراد على الاستدلال بالحديث بأن غاية مدلوله عدم ترتب الأثر على بيع ما ليس عنده ولا يدل على عدمه مطلقا ولو صار بعد ذلك عنده لأن الحكم المترتب على عنوان إنما يدل على ثبوته ما دام العنوان لا مطلقا فلا مانع من الرجوع إلى عمومات الصحة إذا صار المبيع عنده، ولو سلم فلا أقل من وجوب حمله على ما ذكر لئلا يلزم تخصيصه في بيع الرهن، وبيع ما يملكه بعد البيع، وبيع العبد الجاني، وبيع المحجور عليه لرق أو فلس، فإن العجز عن التسليم في هذه الموارد حاصل مع البناء على الصحة، فيشكل (أولا) بأن اطلاق عدم نفوذ بيع ما ليس عند البائع يقتضي عدم نفوذه وإن صار بعد ذلك عنده، وقاعدة أن الحكم الثابت لعنوان مستمر لا يثبت مع ارتفاع العنوان مسلمة لكنها إنما تقتضي فيما نحن فيه قصور حكم ما لا يقدر على تسليمه وهو عدم جواز بيعه فلا يشمل حال القدرة على التسليم لو تبدل عنوانه لا قصور حكم البيع فإنه ليس عنوانا مستمرا بل هو آني فإذا دل على عدم نفوذه الدليل كان اللازم التمسك باطلاقه دائما، ومثله ما لو دل الدليل على عدم جواز بيع الخمر فإن حكم الخمر وهو عدم جواز البيع لا يثبت له لو أنقلب خلا لكن لو بيع الخمر فعدم النفوذ الثابت
(٣٩٩)