في كل مالا يقدر على تسليمه وقت التسليم حتى مع رجاء حصوله بعد ذلك فضلا عن صورة العلم به بعد مدة مع بناء جماعة على البطلان فيهما، وكيف كان فقد استدل على الشرطية بالمرسل المنجبر ضعفه بالاشتهار بين الخاصة والعامة، بل قيل إنه أجمع عليه المخالف والمؤالف: نهى النبي " ص " عن بيع الغرر، أما كون ما نحن فيه غررا فهو الظاهر من كلمات كثير من الفقهاء بل اللغويين فقد مثل لبيع الغرر المذكور في الحديث فيما عن الصحاح والمغرب والمجمل والمجمع ببيع السمك في الماء والطير في الهواء، وعن التذكرة نسبة تفسيره بذلك إلى أهل اللغة ولكن قد يشكل بأن الظاهر من الغرر - كما يستفاد من موارد الاشتقاق - توهم حسن ما هو قبيح ولذا قال في محكي النهاية: إنه (ص) نهى عن بيع الغرر وهو ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول، وعن الغريبين حكايته عن ابن عرنة وكان تفسيره بالجهل تارة والخديعة أخرى والخطر ثالثة من باب التفسير ولو باللازم فإنها معان متباينة ولذا جمعها في محكي الصحاح فقال: الغرة الغفلة، واغتر بالشئ خدع به، والغرر الخطر، كما أن تمثيله بعد ذلك لبيع الغرر ببيع السمك في الماء والطير في الهواء لا بد أن يكون اعتمادا على قرينة حافة بالكلام إذ المثال لا يناسب المعاني المذكورة إذ لا غفلة فيه ولا خديعة نعم فيه نوع من الخطر إلا أن مثله لو قدح في البيع لقدح في بيع المريض والهرم ونحوهما مما هو مظنة الضياع والتلف فليس النهي عن البيع المذكور لذلك فحمل الغرر في الحديث على المثالين المذكورين لا بد أن يكون لقرينة تقتضيه وإلا فهو خروج عن المعاني التي ذكروها كما هو خروج عما هو المتفاهم عرفا من مادة الغرر، وكأنه إلى هذه القرينة أشار الشهيد (ره) في القواعد حيث قال: الغرر ماله ظاهر محبوب وباطن مكروه قاله بعضهم ومنه قوله تعالى متاع الغرور، وشرعا هو جهل الحصول وأما المجهول المعلوم الحصول ومجهول الصفة فليس غررا... الخ فكون بيع الطير في الهواء والسمك في الماء من بيع الغرر مراد شرعي لا معنى لغوي أو عرفي، لكن هذا المراد الشرعي لو ثبت فهو في خصوص الحديث الشريف لا في كلي لفظ الغرر
(٣٩٥)