من جهة احتمال فوات أصل المال كما في المقام لا ما يشمل فوات مرتبة منه ولا سيما بملاحظة لزوم كثرة التخصيص لو حمل على ذلك فإن ما لا يكال ولا يوزن عادة كالزرع والثمر على الشجر والحيوانات المقصود لحمها وغير ذلك مما لا اشكال ظاهرا في جواز بيعها جزافا مع حصول الخطر فيه في مراتب المالية لا أقل من الاجمال الموجب لسقوطه عن الاستدلال على ذلك، وكأنه لذلك فسره اللغويون ببيع السمك في الماء ونحوه، لا بمثل بيع المكيل أو الموزون بلا كيل أو وزن فلاحظ ثم إن الفرق بين بيع السمك في الماء وبيع المريض والهرم أن الموت في المريض والهرم تلف طارئ على المال واحتماله موجود في أكثر الأموال بخلاف السمك في الماء فإنه غير معلوم الحصول من أصله فالحديث لا يدل على المنع من بيع المريض والهرم فتأمل جيدا، وقد يستدل على هذا الشرط بما اشتهر عن النبي " ص " أنه قال لحكيم بن حزام، لا تبع ما ليس عندك، فإن الجمود على التعبير وإن كان يقتضي الحمل على بيع ما لم يكن حاضرا عنده كالغائب والسلف لكن الاجماع على الجواز فيهما يمنع عنه كما يمنع عن حمله على ما لم يكن ملكا له إذ لو كان المراد ذلك كان الأولى ذكر لام الملك ويمنع عن حمله على ما لا يقدر على تسليمه تمسك الفقهاء به على عدم جواز بيع مال غيره لنفسه ثم شرائه من مالكه ولو مع سلطنته على التسليم لكونه وكيلا في بيعه على نفسه فإن السلطنة على التسليم حاصلة بالقدرة على مقدمته وهو البيع من نفسه المأذون فيه، فيتعين أن يكون المراد السلطنة الفعلية التي تتوقف على الملك وعلى كونه في يده حتى كأنه عنده وإن كان غائبا عنه نظير ما ورد في اشتراط الزكاة بالقدرة على التصرف المعبر في بعضه بقوله:
في يده، وفي آخر بكونه عنده لكن قد يشكل ذلك بأنه إنما يتم لو كان المخاطب بالنهي عاما مثل أن يقال: لا يجوز أن يبيع أحد ما ليس عنده، أما لو كان خاصا - كما في المقام - كان مجملا لجواز أن يكون مورد الخطاب محفوفا بقرينة تقتضي غير ذلك، بل قيل: إن المخاطب - وهو حكيم بن حزام - كان دلالا، ومن المعلوم أن المتعارف بين الدلالين أن أصحاب الأموال يأتونهم