المكره قاصد للمعنى أولا " وينبغي التعرض لأمور " الأول أنك قد عرفت أن محل الكلام في هذا الشرط هو العقد الجامع لجميع شرائط العقد من القصد والرضى وطيب النفس عدا الاختيار بالمعنى المقابل للاكراه بأن لا يكون مكرها عليه، وقد صرح جماعة بأن المكره قاصد إلى اللفظ دون مدلوله بل هو ظاهر من جعل الاختيار شرطا للعقد في مقابل البلوغ والعقل، وأخرج به عقد السكران والمغمى عليه والمكره بل أصر في الجواهر على ذلك فقال: من المعلوم انتفاء إرادة معنى العقد من المكره لعدم تصور الاكراه عليه " وفيه " - مضافا إلى ما سيأتي من أن الاكراه قد يقتضي الدهشة فيضطر المكره - بالفتح - إلى قصد إيقاع مضمون العقد فضلا عن قصد مدلول اللفظ - أن ذلك لو تم اقتضى بطلان عقد المكره حتى لو كان بحق أو لحقه الرضى، والإجازة. والالتزام بالصحة في الفرضين المذكورين تعبدا لا بعنوان البيع مما لا يمكن ارتكابه - مع أن البناء على خلو المكره عن القصد إلى المعنى مما يوجب وضوح حكم عقده على نحو لا يحسن التمسك له بما دل على اعتبار الرضى أو طيب النفس أو حديث رفع الاكراه أو نحو ذلك، إذ مع انتفاء القصد لا مجال لتوهم الصحة لانتفاء العقد بانتفاء القصد كما عرفت فيما سبق وكيف كان فلا بهم توجيه كلام الجماعة بعد وضوح الحال وصعوبة التوجيه معنى الاكراه " الثاني " الظاهر أن الاكراه لغة وعرفا حمل الغير على ما يكره بتوعيده بالضرر غير المستحق، فايقاع العقد المكروه إذا لم يكن ناشئا عن حمل غيره بل يكون بداع آخر لا يكون اكراها كالمريض المحتاج في علاجه إلى المال فيلتجئ إلى بيع داره مع كراهته لذلك، وكذا لو كان بحمل غيره بتوسطة وعده بالنفع كما
(١٩٠)