المراد جميع تلك التصرفات، وحمله على حل البعض منها مما لا قرينة عليه ولا وجه له، وأيضا فإن أحكام تلك التصرفات قد تضمنتها أدلة تشريعها فتشريعها بهذا الدليل ثانيا ممتنع، وحملها على التأكيد لتلك الأدلة خلاف الظاهر جدا، وتشريع حلية ثانية لتلك التصرفات بعنوان البيع كما ترى، وأيضا فإن الحمل على التصرفات محتاج إلى تجوز أو تقدير وهو أيضا خلاف الظاهر، وعليه يتعين إبقاء الكلام على ظاهره وتعليق الحل على نفس البيع، ثم يتردد الأمر بدوا بين أن يكون المراد من الحل الحل الوضعي الراجع إلى تحقق البيع وترتب أثره عليه في نظر الشارع وبين أن يكون المراد منه التكليفي (فنقول): قد عرفت في آخر المبحث السابق أن البيع بالمعنى المسبب مما لا يتصف بالصحة والفساد بل إنما يتصف بالوجود والعدم فإن أريد منه مفهومه بلحاظ أفراده بتوسط اعتبار الشارع تعين حمل الحل على الحل التكليفي - يعني الرخصة في التسبب إليه ونفي العقاب عليه - إذ لا معنى للحل الوضعي الراجع إلى الارشاد إلى تحققه بتحقق منشأ اعتباره لكون المفروض كونه متحققا في نظر الشارع، وإن أريد منه البيع العرفي أمكن كون الحل إرشاديا إلى تحققه واعتباره أيضا في نظر الشارع كما يمكن أن يكون تكليفيا، ولأجل أن الظاهر من الحل والحرمة في أمثال هذه الخطابات الارشاد لأن الاهتمام بها أأكد لما يترتب على ذلك من الارشاد إلى أحكام كثيرة كما عرفت، يتعين حمل البيع على البيع العرفي فيكون مفاد الآية الشريفة تصديق نظر العرف في تحقق البيع وتصويبهم في بنائهم على سببية سببه وكونه منشأ لاعتباره، ولا ينافي ذلك المقابلة بين حلية البيع وحرمة الربا فإن الحرمة للربا أيضا إرشادية إلى عدم تملك الزيادة وبقائها على ملك المالك، إذ لو حمل على الحرمة التكليفية فهي إما عين الحرمة الثابتة لمال الغير أو غيرها والثاني لا يمكن الالتزام به لأنه يلزمه الالتزام في المخالفة بترتب عقابين وفي الموافقة بترتب ثوابين وهو كما ترى، والأول يلزم منه التأكيد وهو خلاف الأصل فيتعين ما ذكرنا، ولو فرض قوة ظهور البيع في البيع الشرعي المستتبع لحمل الحل على التكليفي فنفس معنى الكلام وإن كان يقتضي
(٢٧)