حينئذ ما عرفت من أنه خلاف الارتكاز العرفي وسيرتهم وكأن وجه الثاني قاعدة الغرور، لكن لو تمت كلية اختصت بصورة ورود الضرر على المغرور ليرجع إلى الغار في تداركه لا أنها تقتضي جواز الرجوع بالعوض والمطالبة به الذي هو محل الكلام وكأن وجه الأخير أن العلم قبل القبض مانع من تحقق الوقوع في الغرور لامكان الامتناع عن الاقباض إلا بعد القبض، لكنه أيضا مبني على الرجوع إلى قاعدة الغرور، وقد عرفت اشكاله. ثم إن الظاهر جواز الرجوع إلى الأصيل أيضا لأن العقد حقيقة له فيعمل معه بمقتضاه. ثم إن مما ذكرنا تعرف أن دعوى البائع كونه وكيلا غير أصيل غير مسموعة بلحاظ الأثر المذكور لترتبه على كلتا الحالتين، والدعوى إنما تكون مسموعة إذا كان الأثر ثابتا على تقدير ثبوت المدعى دون ما إذا لم يثبت، أما إذا كان ثابتا على كل من تقديري ثبوته وعدمه فلا تكون مسموعة كما هو ظاهر. ثم إنه حيث يجوز الرجوع إلى الوكيل في المطالبة بالثمن أو المثمن يجوز الرجوع إليه أيضا عند الفسخ بالخيار فلو وجد المشتري عيبا في المبيع كان له مطالبة كل من الوكيل والموكل بالثمن عند فسخ البيع ورد المبيع لعين الوجه المتقدم وتمام الكلام في هذا المقام في كتاب الوكالة فراجع عقد المكره قوله: " مسألة " ومن شرائط المتعاقدين الاختيار والمراد به القصد إلى وقوع مضمون العقد عن طيب... الخ قد عرفت آنفا أن الانشاء متقوم بقصد وقوع المنشأ فإذ لا يكون قصد لا يكون انشاء، وهذا القصد عين الاختيار لوقوع المنشأ، من الواضح أن اختيار وقوع الشئ حقيقيا كان أو اعتباريا يتوقف على ترجيح وجوده على عدمه في نظر المختار الموجب لميل النفس إليه الموجب لتعلق الإرادة والقصد به، وهذا الميل هو المعبر عنه بطيب النفس، وعلى هذا فاعتبار القصد إلى المنشأ في حقيقة الانشاء راجع إلى اعتبار الاختيار فيه،
(١٨٨)