جعل اللزوم من حيث المجلس لا مطلقا فلا يدل على اللزوم من سائر الحيثيات التي منها محل الكلام (قوله: وقد يستدل أيضا بعموم قوله تعالى: أوفوا بالعقود) قد يستشكل عليه بأنه مع احتمال تأثير الفسخ في حل العقد ونقضه لا مجال للتمسك بالعموم المذكور لأنه يعتبر في صحة الرجوع إلى العام إحراز عنوان موضوعه، وفيه أن العقد من الأمور الحقيقية التي لا يرد عليها الفسخ وإنما يرد على موضوعه فإذا وقع عقد البيع ثم طرأ الفسخ كان الفسخ رافعا لموضوعه وهو الأمر الذي يتعاقد عليه أعني " المبادلة بين المالين " مثلا لا على نفس العقد (فإن قلت) يمكن تقرير الاشكال المذكور بالإضافة إلى موضوع أيضا فيقال: إذا وقع الفسخ احتمل ارتفاع المبادلة فلا مجال للوفاء لا لعقد عليها (قلت): قد عرفت في المباحث السابقة أن وجوب الوفاء بالعقود، والشروط، والنذور، وغيرها لا يراد منه جعل حكم تكليفي لزومي لعنوان الوفاء، وإنما المقصود منه تطبيق أحكام موضوع العقد وترتيبها عليه على اختلافها من كونها وضعية أو تكليفية لزومية أو غير لزومية فيدل بالالتزام العرفي على ثبوت الموضوع، ولأجل ذلك يدل الكلام المذكور على صحة العقود ونفوذها فإذا فرض عمومه الأزماني كما يقتضيه إطلاقه كان دالا على ثبوت الموضوع في الأزمنة جميعها، وإطلاقه الشامل لصورة انشاء الفسخ وعدمه يقتضي ثبوت الموضوع حتى في صورة إنشاء الفسخ فلا يكون الانشاء مما له أثر في ارتفاع الموضوع وهذا المعنى راجع إلى اللزوم (فإن قلت): موضوع عقد البيع إما أن يكون البدلية حدوثا وبقاء وأما أن يكون مجرد الحدوث والأول باطل أولا لما سبق في مسألة انقلاب النكاح المنقع دائما بنسيان الأجل: من أن العقد إنما يقتضي الحدوث وإن البقاء إنما يستند إلى استعداد الحادث، وثانيا إن لازم ذلك امتناع طرؤ الأسباب الناقلة كالبيع، والصلح، والهبة، وغيرها لمنافاتها للوفاء بالعقد، فيتعين الثاني، ولازمه كون الآية الشريفة إنما تدل على ثبوت موضوع العقد حدوثا ويكون البقاء خارجا من مدلولها فلا يكون الجري عليه وفاء ولا تركه نقضا فلا مجال للتمسك بها لاثبات بقاء موضوع العقد وعدم ارتفاعه بالفسخ (قلت): ما ذكر
(٤٨)