أن الكراهة بملاحظة نظر المكلف حيث لا يكون نظر للشارع وبنظر الشارع حيث يكون له نظر فليس فيما ذكرنا إلا اختلاف الموارد من حيث كون التطبيق في بعضها بنظر وفي بعضها الآخر بنظر آخر، بل هناك قسم ثالث لا تكون فيه الكراهة المأخوذة في موضوع الاكراه بلحاظ الاقتضاء الشرعي ولا بلحاظ الدواعي النفسانية، وذلك كما في اكراه الولي على بيع مال الصبي فإن الاكراه الرافع للصحة فيه إنما هو بلحاظ مصلحة الصبي فإذا كانت مصلحة الصبي في ترك البيع فأكره عليه كان باطلا ولو لم يكن مكروها بلحاظ دواعي الولي النفسانية ولا بلحاظ مناط الحكم الشرعي الاقتضائي وإن كان البيع مصلحة للطفل كان صحيحا، وإن كان مكروها للولي بلحاظ دواعيه النفسانية فإذا الكراهة التي هي شرط صدق الاكراه يختلف النظر في تطبيقها باختلاف المقامات الثلاث، ومن ذلك تعرف الاشكال في كلمات شيخنا الأعظم (ره) في الفرق بين الاكراه المسوغ للمحرمات والاكراه الرافع للحكم الوضعي فلاحظ.
الاكراه على الجامع (الخامس): إذا أكره على ايجاد جامع بين فردين أو أفراد فإما أن يكون الأثر الشرعي ثابتا لذلك الجامع وإما أن يكون ثابتا لبعض أنواعه دون بعض ففي الأول لو فعل فردا من أفراد ذلك الجامع كان ذلك الفرد مكرها عليه بلحاظ الجامع وحينئذ لا يترتب أثر الجامع عليه وفي الثاني لو فعل الفرد الذي له الأثر لم يرتفع ذلك الأثر لأن موضوع الأثر وهو النوع لم يكن مكرها عليه والجامع المكره عليه لا أثر له (فإن قلت): لما امتنع وجود الجامع بنفسه بل لا بد أن يوجد مع الخصوصية فالحمل على الجامع حمل على الخصوصية فتكون الخصوصية موضوعا للاكراه فيرتفع أثرها بحديث رفع الاكراه (قلت): الخصوصية لما لم تكن موضوعا للاكراه ولا مقدمة لما هو موضوعه امتنع أن تكون موضوعا للاكراه النفسي