المستعمل في لسان الشارع كما قد يظهر من القواعد، والاعتماد على فهم الجماعة المذكورة في اثبات القرينة الصالحة للصرف إلى هذا المعنى غير واضح، والمحصل مما ذكرنا أن المفهوم من مادة الغرر لغة وعرفا أنه ليس هو الخطر ولا الجهل، بل هو توهم حسن ما هو قبيح في الواقع، المناسب ذلك لتفسيره بالخديعة - بمعنى اسم المصدر - وأن تفسيره بالجهل والغفلة والخطر تفسير باللازم كما أن تفسير الحديث الباهي عن بيع الغرر ببيع الطير في الهواء والسمك في الماء ليس جاريا على معنى اللفظ ولا على لازمه بل لقرينة تقتضيه، ولذا جعله الشهيد ره مرادا شرعيا، لكن لما لم تتضح لنا تلك القرينة أشكل حمل الحديث عليه بعد ما كان خروجا عن المتفاهم منه عرفا ولغة المقتضي لحمله على بيع ما هو مدلس مما له ظاهر محبوب وباطن مكروه، فالاستدلال به على ما نحن فيه غير ظاهر ثم إني قد عثرت - بعد كتابة هذا - على رواية ابن مسعود قال رسول الله (ص): لا تشتر السمك في الماء فإنه غرر، رواها أحمد في مسنده والبيهقي في سننه، والطبراني في الكبير ولا يبعد أن تكون هذه الرواية هي القرينة على تفسير الحديث المذكور وعليها اعتمد الجماعة فكان الأولى الاستدلال بها لا بحديث النهي عن الغرر هذا والظاهر من الغرر في هذه الرواية بعد تعذر الحمل على المعنى الحقيقي الذي هو الانخداع لعدم تحققه حقيقة الخطر من جهة عدم الحصول كما أشير إليه في رواية المنع من بيع الآبق إلا مع الضميمة وفي روايات المنع من بيع الثمرة قبل ظهورها عاما واحدا، وأما حمله على الجهل فبعيد بقرينة حمله على نفس الشراء فإن المناسبة المصححة لحمل الجهل على الشراء بعيدة عن ذوق العرف بخلاف حمل الخطر، وإن مناسبة السببية قريبة فيه مع أن اجمال المراد يستوجب الاقتصار على المتيقن وهو صورة الخطر المالي نعم يبقى الاشكال في الاستدلال به على صورة الخطر لاحتمال فوات بعض مراتب المالية للجهل ببعض صفات الثمن أو المثمن لأنه يتوقف على اطلاقه الشامل لذلك ولا يخلو من اشكال ولا سيما بملاحظة كون الأصل في التعليلات كونها موافقة لمرتكزات العقلاء ومن المعلوم أن المناسب لمرتكزاتهم الحمل على الخطر
(٣٩٦)