لما عرفت، وأما ضمان أعلى القيمتين فهو مبني على ضمان ارتفاع القيم وكون المضمون الجامع بين العين والمثل وبقاء المثل في الذمة إلى زمان المطالبة على ما تقدم في نظيره فلاحظ (قوله: وفصل الشيخ في المبسوط) شقوق التفصيل المذكور غير ظاهرة الارتباط بما نحن فيه، إذ الشق الأول راجع إلى جواز المطالبة بغير بلد التلف لكن لم يتعرض فيه لتعيين القيمة، والشق الثاني راجع إلى جواز المطالبة في ظرف التساوي في القيمة وهو غير محل الكلام، والشق الثالث راجع إلى عدم جواز المطالبة بالمثل في غير بلد التلف وهو غير مبنى الكلام في المقام، وكان الأولى حكاية هذا التفصيل في ذيل مسألة جواز المطالبة في كل بلد (قوله: الأقوى بل المتعين هو الأول) لأن المماثلة المعتبرة في ضمان المثل يراد بها المماثلة في الحقيقة والمالية، والمراد من المماثلة في المالية دخولهما تحت عنوان المال بحيث يكون كل منهما مالا فإذا خرج عن المالية فقد خرج عن كونه مثلا، وفيه ما عرفت الإشارة إليه آنفا من أن الضمان بالمثل في قبال الضمان بالقيمة إذ الملحوظ في الأول الذات والصفات فقط، بخلاف الملحوظ في الثاني فإنه تدارك المالية فقط، ولذا لو هبطت قيمة المثل لم يجب على الضامن دفع التفاوت مع المثل كما أنه لو ارتفعت قيمة المثل لم يجز له الرجوع بالتفاوت عند دفع المثل فإذا سقط عن المالية لم يخرج عن كونه مثلا كما هو الحال في ضمان نفس العين قبل التلف فإنه لو سقطت عن المالية لا يكون ذلك من قبيل تلف العين أو تعذر ردها، ولذا مال في الجواهر إلى لزوم المثل لا غير لعدم الدليل على الانتقال إلى القيمة والأصل عدمها (ويمكن) أن يستدل على ما ذكرنا بالصحيح المتقدم في ذيل التنبيه الرابع في الدراهم التي سقطت فإن قول السائل: أو تغيرت، وإن كان ظاهرا في حصول التفاوت في المالية ولذا تقدم الاستدلال به على عدم ضمان التفاوت، ولكن قوله: وسقطت تلك الدراهم، بقرينة المقابلة لقوله: تغيرت، ظاهر في السقوط عن المالية بالمرة فدل على الانتقال إلى القيمة، اللهم إلا أن يكون المراد من السقوط اسقاط السلطان، ومن التغير السقوط لا من السلطان بل من غيره فيكون السقوط شاملا لصورتي انتفاء المالية
(١٥٤)