ضروريات كونهما اعتداء بل المراد المماثلة بينهما في المعتدى به وهو مدخول الباء في قولنا: اعتدى عليه بضربه، أو: باتلاف ماله، أو: بقطع يده، أو نحو ذلك، وجهة المماثلة بالمعتدي به (تارة) تكون بلحاظ ذاتيهما مثل أن يعتدي عليه بالضرب فيعتدي عليه بالضرب (وأخرى) يكون بلحاظ الكم مثل أن يضربه مرة فيشتمه مرة (وثالثة) بلحاظ الأثر الخاص المترتب عليه مثل أن يضربه ضربا مؤديا إلى بكائه فيجازيه بالشتم المؤدي إلى بكائه مثلا (ورابعة) بلحاظ المالية مثل أن يتلف مال زيد المساوي درهما فيأخذ منه زيد درهما، وقد يكون بلحاظ غير ذلك من الخصوصيات من زمان أو مكان أو مقارنات. ثم نقول: إن كلمة (ما) في الآية الشريفة إما أن تكون مصدرية فيكون المعنى: فاعتدوا عليه بمثل اعتدائه، وإما أن تكون موصولة فيكون المعنى: فاعتدوا عليه بمثل الذي اعتدى به عليكم، وقد عرفت أن المتحصل من المعنيين واحد وأن الجهات الملحوظة في المماثلة بين الاعتداءين راجعة إلى الجهات الملحوظة بين الأمرين المعتدى بهما، ومرجع المناقشة إلى أن الظاهر المماثلة في مقدار المالية في المعتدى به ولو مع اختلاف ذاتيهما وإن كان ظاهر العبارة وغيرها من العبارات المتعرضة لذكر المناقشة المذكورة الفرق بين مقدار الاعتداء مقدار المعتدى به، لكن المراد ما ذكرنا ولذا قال بعض من ذكر الاحتمال المذكور على ما حكاه في الجواهر: والمراد بالمقدار - يعني مقدار اعتداء المعتدي - هو أن يحكم أهل العرف بأنهما سيان في المنفعة والفائدة ويرضى العقلاء بتملك كل منهما مقام الآخر (قوله: وفيه نظر) لأنه خلاف اطلاق المماثلة بل الذي نفاه هو المتيقن من اطلاق المماثلة وسائر الجهات مقتضى اطلاقها (قوله:
في الحقيقة والمالية) المالية من الاعتباريات التي لا خارجية لها ولا ينصرف إليها إطلاق المماثلة وكان الأولى ابدالها بالصفات الخارجية التي تختلف الرغبات باختلافها فإن مقتضى الاطلاق اعتبارها في الاعتداء المماثل سواء أكان اختلاف في المالية أم لا. هذا بالنسبة إلى الآية الشريفة وكذا أيضا بالنسبة إلى بناء العقلاء، (قوله: إلزام الضامن بتحصيل) لا يبعد ذلك في بناء العرف ولكنه غير