تبيانا لكل شئ " (النحل - 89).
فلا شك أن المراد من لفظة " كل شئ " هو كل شئ أنيط بيانه إلى سفرائه و أنبيائه سبحانه من العلوم والمعارف، والمناهج والتعاليم التي لا يصل الفكر الإنساني إلى الصحيح منها، بلغ ما بلغ من الكمال فهذه الأمور تكفل الكتاب الكريم ببيانها وذكر خصوصياتها، وأما العلوم التي يصل إليها البشر بفكره، كالفنون المعمارية، والمعادلات الرياضية والقوانين الفيزياوية والكيماوية، فهي خارجة عن رسالة ذلك الكتاب، وليس بيانها من مهامه ووظائفه.
نعم ربما يحتمل أن يكون للآية معنى أوسع، حتى يكون القرآن الكريم قابلا لتبيان تلك المعارف والعلوم، غير أن هذا الاحتمال - على فرض صحته - لا يصحح أن يكون (القرآن الكريم) مصدرا لهذه المعارف، حتى يرجع إليه كافة العلماء والاختصاصيون في هذه العلوم، وإنما يتيسر استخراج هذه العلوم والمعارف لمن له مقدرة علمية إلهية غيبية، حتى يتسنى له استخراج هذه الحقائق والمعارف من بطون الآيات وإشاراتها، وهو ينحصر في جماعة قليلة.
وأما مكانة السنة فيكفي فيها قوله سبحانه: " وما ينطق عن الهوى " (النجم - 3) وقوله سبحانه: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (الحشر -، 7) وغير ذلك من الآيات التي تنص على لزوم اقتفاء أثر النبي، وتصرح بوجوب اتباعه، وعدم مخالفته ومعصيته.
وعلى ذلك تكون الشريعة الإسلامية شريعة كاملة الجوانب، كاملة الجهات والأطراف، قد بينت معارفها، وأحكامها بكتاب الله العزيز وسنة نبيه الكريم، فلم يبق مجال للرجوع إلى غير الوحي الإلهي وإلى غير ما صدر عن النبي الكريم.
وهذه الحقيقة التي تكشف عنها الآية - بوضوح - وأن الدين اكتمل في حياة النبي