أراد أرشد أم غي، فاكتفى بذكر الرشد لوضوح الأمر.
الوجه الرابع: أن يكون المراد: ومثل الذين كفروا في دعائهم للأصنام التي يعبدونها من دون الله - وهي لا تعقل ولا تفهم، ولا تضر ولا تنفع - كمثل الذي ينعق دعاء ونداء بما لا يسمع صوته جملة الدعاء والنداء، ينتصبان على هذا الجواب بينعق وإلا توكيد للكلام ومعناها الإلقاء.
قال الفرزدق: (1) هم القوم إلا حيث سلوا سيوفهم * وضحوا بلحم من محل ومحرم فكأن السيد (قدس سره) يريد أن إلا في المقام زائدة جئ بها للتأكيد.
الوجه الخامس: أن يكون المعنى: ومثل الذين كفروا في دعائهم للأصنام وعباداتهم لها واسترزاقهم إياها، كمثل الداعي الذي ينعق بالغنم ويناديها، فهي تسمع دعاء ونداء ولا تفهم معنى كلامه، فشبه من يدعوه الكفار من المعبودات دون الله بالغنم من حيث لا تعقل الخطاب ولا تفهمه، ولا نفع عندها فيه ولا مضرة.
كأن السيد الشريف (قدس سره) لما رأى أن بعض الغموض قد يعتري الناظرين في الفرق بين الجوابين، نبه على الجهة الفارقة، قال: وهذا الجواب يقارب الذي قبله وإن كان بينهما مزية ظاهرة، لأن الأول يقتضي ضرب المثل بما لا يسمع الدعاء والنداء وإن لم يفهمهما، والأصنام من حيث إنها كانت لا تسمع الدعاء جملة يجب أن يكون داعيها ومناديها أسوأ حالا من منادي الغنم، ويصح أن يصرف إلى الغنم وما أشبهها مما يشارك في السماع ويخالف في الفهم والتمييز.