تأتي المعارضة مع سهولتها في نفسها -.
الثاني: أنه لو كان الإعجاز بالصرفة لكان الأنسب ترك الاعتناء ببلاغته وعلو طبقته، إذ إنه كلما كان انزل في البلاغة وادخل في الركاكة كان عدم تيسر المعارضة أبلغ في خرق العادة.
الثالث: قوله تعالى: * (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) * (1) فإن ذكر الاجتماع والاستظهار بالغير في مقام التحدي إنما يحس فيما لا يكون مقدورا للبعض ويتوهم كونه مقدورا للكل فيقصد بهذا نفي ذاك.
الرابع: أنه لو كان إعجاز القرآن للصرفة لكان ينبغي أن يوجد في قصائدهم وخطبهم وكلامهم السابق على القرآن ما يقرب من القرآن أو يساويه في الفصاحة والبلاغة، وليس كذلك وإلا لعورض ونقل، وهذا ظاهر كل الظهور.
الخامس: أنه لو كان إعجاز القرآن للصرفة، فإذا وجدت وحصل المنع وجب أن يجدوا ذلك من أنفسهم بالضرورة لحصول العلم بالفرق بين حالتي القدرة والمنع لأننا نعلم ضرورة بأن من كان له علم أو قدرة حاصلان فإنه يكون عالما بحصولها فإذا سلبا عنه وجد ذلك من نفسه، ولو وجدوا ذلك من أنفسهم كان الواجب أن يتحدثوا بذلك في مجالسهم ومع أصحابهم، ولو تحدثوا بذلك لاشتهر وذاع وتواتر، لأنه من الأمور العجيبة التي تتوفر الدواعي على نقلها، وكل هذه المقدمات ضروري لمن عرف العوائد ولاحظ الشواهد وجرب الوقائع، ولما لم يقع شئ من ذلك كان القول بالصرفة من البطلان بمكان.