وقال آخرون: جهة إعجازه هو الأسلوب، وعنوا بالأسلوب الفن والضرب.
وقال فريق: إنه معجز بفصاحته وبلاغته وأسلوبه معا، لأن كل واحد منها - عند هؤلاء - غير متعذر على العرب، لأنه وجد في كلامهم ما هو كفصاحته وليس كمثل أسلوبه، وكلام مسيلمة الكذاب كأسلوبه وليس كفصاحته، وأما مجموعهما فليس بمقدور فهو جهة إعجازه.
وقال آخرون: إن جهة إعجازه مركبة من أمور ثلاثة: الأسلوب والفصاحة والاشتمال على العلوم الشريفة، من علم التوحيد والسلوك إلى الله تعالى وتهذيب الأخلاق، فإن الفصاحة خاصة في كلام العرب وقد وجدت، والأسلوب وإن أمكن عند التكلف لكن اجتماعه مع الفصاحة نادر، لأن تكلف الأسلوب يذهب الفصاحة، وأما العلوم الشريفة فلم يوجد في كلامهم لها عين ولا أثر إلا ما وجد في كلام قس وأمثاله ممن وقف على الكتب الإلهية نقلا عن غيره.
وملخص هذا: هو أنه وجد في كلام العرب ما يناسب بعض القرآن في الفصاحة وهو في مناسبته له في الأسلوب أبعد، وأما في العلوم المذكورة فأشد بعدا.
وقال قوم: إنه معجز بفصاحته، فجهة إعجازه فصاحته، فإن فصاحته البالغة بلغت الحد الأعلى في الفصاحة، ولهذا كانت العرب تستعظم فصاحته، ولما أراد النابغة الاسلام لما سمع القرآن وعرف فصاحته، قال له أبو جهل: إنه يحرم عليك الأطيبين - الخمر والزنا - وأنه أخبر الله تعالى عن الوليد بن المغيرة في قوله تعالى:
* (فكر وقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر) * (1) الآية.