عن كل شهادة.
أجابوا عن الاحتجاج الأول: بأن حكم الجملة قد يخالف حكم الأجزاء، فلا يلزم أن يكون من قدر على المفردات قادرا على التركيب، وهذه بعينها شبهة من نفى قطعية الاجماع والخبر المتواتر، ثم إنه لو صح ما ذكر لكان كل أحد من آحاد العرب قادرا على الاتيان بمثل قصائد فصحائهم، كالفرزدق وأمثاله، وهذا قطعي البطلان.
ونحن نقول: إن المفردات بما هي مفردات تختلف في الفصاحة، لأن الكلمة بما هي كلمة توصف بالفصاحة، وإنما توصف بذلك إذا استوفت ما يشترط في فصاحة الكلمة على أن الكلمة في ضمن كلام قد تكون لها خصوصية غير موجودة في كلمة ثانية، ولذا يقال: إن لكل كلمة مع صاحبتها مقام ليس لها مع كلمة ثانية، فحيث يتقرر ذلك، فاعرف أن قول القائلين بالصرفة أن العرب كانوا قادرين على المفردات، يكون مصادرة على المطلوب بعد أن عرفت اختلاف المفردات في نفسها من حيث الفصاحة واختلاف خصوصياتها الخاصتين في ضمن التركيب، وليس كل أحد يقوى على المحافظة على ذلك حق المحافظة.
وأجابوا عن الثاني - بعد تسليم صحة الرواية، وكون الجمع بعد النبي (صلى الله عليه وآله) لا في زمانه، وكون كل سورة مستقلة بالاعجاز -: أن ذلك كان للاحتياط والاحتراز عن أدنى تغيير لا يخل بالاعجاز، وأن إعجاز كل سورة ليس مما يظهر لكل أحد بحيث لا يبقى له تردد أصلا.
أقول: إن هذا الجواب ينحل إلى أجوبة متعددة:
منها: المناقشة في صحة الرواية المتضمنة لتوقف الصحابة في بعض السور والآيات، وإني أجزم كل الجزم بأنها ليست بصحيحة، وقد وصلت عناية المسلمين