برأيهما، فمن لا يسمع قولهما في ابتداء الحال، كيف يستنير بهما حال الحرب؟.
وقد اعترض أبو هاشم الجبائي، فقال: أيجوز أن يخالف النبي صلى الله عليه وآله فيما يأمر به؟.
ثم أجاب، فقال: أما ما كان على طريق الوحي، فليس يجوز مخالفته على وجه من الوجوه، وأما ما كان على طريق الرأي، فسبيله سبيل الأئمة، في أنه لا يجوز أن يخالف ذلك حال حياته، ويجوز بعد وفاته، والدليل على ذلك: أنه أمر أسامة بن زيد: أن يخرج بأصحابه في الوجه الذي بعثه فيه، فأقام أسامة، وقال: لم أكن لأسأل عنك الركبان، وكذلك أبو بكر، استرجع عمر، وكان لأبي بكر استرجاع عمر (1).
وهذا قول بتجويز مخالفة النبي صلى الله عليه وآله، والله تعالى قد أمر بطاعته، وحرم مخالفته، ثم كيف يجيب بجواز المخالفة بعد الموت لا حال الحياة، ويستدل عليه بفعل أسامة وأبي بكر وعمر؟ ومخالفتهم كانت في حياة الرسول صلى الله عليه وآله، ولهذا قال أسامة: لم أكن لأسأل عنك الركبان، وهذا يدل على المخالفة في الحياة، وبعد الموت، فأي وقت يجب القبول منه؟
وكيف يجوز لهؤلاء القوم: أن يستدلوا على جواز مخالفة الرسول صلى الله عليه وآله بفعل أسامة، وأبي بكر، وعمر؟ (2).