يجوز أن يسرق درهما، ويكذب في أخس الأشياء، وأحقرها (1)؟.
وقد لزمهم من ذلك محالات:
منها: جواز الطعن على الشرائع، وعدم الوثوق بها، فإن المبلغ إذا جوزوا عليه الكذب، وسائر المعاصي جاز أن يكذب عمدا، أو نسيانا، أو يترك شيئا مما أوحي إليه، أو يأمر من عنده، فكيف يبقى اعتماد على أقواله؟.
ومنها: أنه إذا فعل المعصية، فإما أن يجب علينا اتباعه فيها، فيكون قد وجب علينا فعل ما وجب تركه، واجتمع الضدان، وإن لم يجب انتفت فائدة البعثة.
ومنها: أنه لو جاز أن يعصى لوجب إيذاؤه، والتبري منه، لأنه من باب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لكن الله تعالى قد نص على تحريم إيذاء النبي صلى الله عليه وآله، فقال: " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة " (2).
ومنها: سقوط محله ورتبته عند العوام، فلا ينقادون إلى طاعته، فتنتفي فائدة البعثة.
ومنها: أنه يلزم أن يكونوا أدون حالا من آحاد الأمة، لأن درجات الأنبياء في غاية الشرف. وكل من كان كذلك، كان صدور الذنب عنه أفحش، كما قال تعالى: " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " (3)، والمحصن يرجم، وغيره يحد، وحد العبد نصف حد الحر.