ويكون هو في غاية الدناءة والسفالة، ممن قد ليط به طول عمره، حال النبوة وقبلها، ويصفع في الأسواق، ويعتمد المناكير، ويكون قوادا، بصاصا.
فهؤلاء يلزمهم القول بذلك، حيث نفوا التحسين والتقبيح العقليين، وأن ذلك ممكن، فيجوز من الله وقوعه، وليس هذا بأبلغ من تعذيب الله من لا يستحق العذاب، بل يستحق الثواب طول الأبد!.
وأما المعتزلة، فلأنهم جوزوا صدور الذنب عنهم، لزمهم القول بجواز ذلك أيضا. واتفقوا على وقوع الكبائر منهم كما في قصة إخوة يوسف.
فلينظر العاقل بعين الإنصاف: هل يجوز المصير إلى هذه الأقاويل الفاسدة، والآراء الردية؟ وهل يبقى مكلف ينقاد إلى قبول قول من كان يفعل به الفاحشة طول عمره إلى وقت نبوته؟. وأنه يصفع ويستهزأ به حال النبوة؟. وهل يثبت بقول هذا حجة على الخلق؟.
واعلم أن البحث مع الأشاعرة في هذا الباب ساقط، وأنهم إن بحثوا في ذلك استعملوا الفضول، لأنهم يجوزون تعذيب المكلف على أنه لم يفعل ما أمره الله تعالى به، من غير أن يعلم ما أمره به، ولا أرسل إليه رسولا البتة، بل وعلى امتثال أمره به.
وأن جميع القبائح من عنده تعالى، وأن كل ما وقع في الوجود فإنه فعله تعالى، وهو حسن، لأن الحسن هو الواقع، والقبيح هو الذي لم يقع.
فهذه الصفات الخسيسة في النبي وأبويه، تكون حسنة، لوقوعها من الله تعالى، فأي مانع حينئذ من البعثة باعتبارها، فكيف يمكن للأشاعرة منع كفر النبي، وهو من الله، وكل ما يفعله تعالى فهو حسن؟ وكذا أنواع المعاصي؟ وكيف يمكنهم مع هذا المذهب التنزيه للأنبياء؟