شبيبا قد أقبل حتى نزل قناطر حذيفة ولا أدرى أين يريد * فلما قرأ الحجاج كتابه قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس والله لتقاتلن عن بلادكم وعن فيئكم أو لأبعثن إلى قوم هم أطوع وأسمع وأصبر على اللاواء والغيظ منكم فيقاتلون عدوكم ويأكلون فيأكم فقام إليه الناس من كل جانب فقالوا نحن نقاتلهم ونعتب الأمير فليندبنا الأمير إليهم فإنا حيث سره وقام إليه زهرة بن حوية وهو شيخ كبير لا يستتم قائما حتى يؤخذ بيده فقال له أصلح الله الأمير إنك إنما تبعث إليهم الناس متقطعين فاستنفر الناس إليهم كافة فلينفر إليهم كافة وابعث عليهم رجلا ثبتا شجاعا مجربا للحرب ممن يرى الفرار هضما وعارا والصبر مجدا وكرما فقال الحجاج فأنت ذاك فاخرج فقال أصلح الله الأمير إنما يصلح للناس في هذا رجل يحمل الرمح والدرع ويهز السيف ويثبت على متن الفرس وأنا لا أطيق من هذا شيئا وقد ضعف بصرى وضعفت ولكن أخرجني في الناس مع الأمير فانى إنما أثبت على الراحلة فأكون مع الأمير في عسكره وأشير عليه برأيي فقال له الحجاج جزاك الله عن الاسلام وأهله في أول الاسلام خيرا وجزاك الله عن الاسلام في آخر الاسلام خيرا فقد نصحت وصدقت أنا مخرج الناس كافة ألا فسيروا أيها الناس فانصرف الناس فجعلوا يسيرون وليس يدرون من أميرهم وكتب الحجاج إلى عبد الملك بن مروان أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين أكرمه الله أن شبيبا قد شارف المدائن وإنما يريد الكوفة وقد عجز أهل الكوفة عن قتاله في مواطن كثيرة في كلها يقتل أمراءهم ويفل جنودهم فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث إلى أهل الشأم فيقاتلوا عدوهم ويأكلوا بلادهم فليفعل والسلام فلما أتى عبد الملك كتابه بعث إليه سفيان بن الأبرد في أربعة آلاف وبعث إليه حبيب بن عبد الرحمن الحكمي من مذحج في ألفين فسرحهم حين أتاه الكتاب إلى الحجاج وجعل أهل الكوفة يتجهزون إلى شبيب ولا يدرون من أميرهم وهم يقولون يبعث فلانا أو فلانا وقد بعث الحجاج إلى عتاب بن ورقاء ليأتيه وهو على خيل الكوفة مع المهلب وقد كان ذلك الجيش من أهل الكوفة هم الذين كان بشر بن مروان بعث
(٨٥)