قال وبعث الحجاج إلى المدائن مطرف بن المغيرة بن شعبة وخرج عثمان حتى قدم على عبد الرحمن بن محمد ومن معه من أهل الكوفة وهم معسكرون على نهر حولايا قريبا من البت عشية الثلاثاء وذلك يوم التروية فنادى الناس وهو على بغلة أيها الناس اخرجوا إلى عدوكم فوثب إليه الناس فقالوا ننشدك الله هذا المساء قد غشينا والناس لم يوطنوا أنفسهم على القتال فبت الليلة ثم اخرج بالناس على تعبية فجعل يقول لأناجزنهم ولتكونن الفرصة لي أولهم فأتاهم عبد الرحمن فأخذ بعنان دابته وناشده الله لما نزل وقال له عقيل بن شداد السلولي إن الذي تريد من مناجزتهم الساعة أنت فاعله غدا وهو غدا خير لك وللناس إن هذه ساعة ريح وغبرة وقد أمسيت فأنزل ثم أبكر بنا إليهم غدوة فنزل فسفت عليه الريح وشق عليه الغبار ودعا صاحب الخراج العلوج فبنوا له قبة فبات فيها ثم أصبح يوم الأربعاء فجاء أهل البت إلى شبيب وكان قد نزل ببيعتهم فقالوا له أصلحك الله أنت ترحم الضعفاء وأهل الجزية ويكلمك من تلى عليه ويشكون إليك ما نزل بهم فتنظر لهم وتكف عنهم وإن هؤلاء القوم جبابرة لا يكلمون ولا يقبلون العذر والله لئن بلغهم أنك مقيم في بيعتنا ليقتلنا إن قضى لك أن ترتحل عنا فإن رأيت فأنزل جانب القرية ولا تجعل لهم علينا مقالا قال فإني أفعل ذلك بكم ثم خرج فنزل جانب القرية قال فبات عثمان ليلته كلها يحرضهم فلما أصبح وذلك يوم الأربعاء خرج بالناس فاستقبلتهم ريح شديدة وغبرة فصاح الناس إليه فقالوا ننشدك الله أن تخرج بنا في هذا اليوم فإن الريح علينا فأقام بهم ذلك اليوم وأراد شبيب قتالهم وخرج أصحابه فلما رآهم لم يخرجوا إليه أقام فلما كان ليلة الخميس خرج عثمان فعبى الناس على أرباعهم فجعل كل ربع في جانب العسكر وقال لهم اخرجوا على هذه التعبية وسألهم من كان على ميمنتكم قالوا خالد بن نهيك بن قيس الكندي وكان على ميسرتنا عقيل بن شداد السلولي فدعاهما فقال لهما قفا مواقفكما التي كنتما بها فقد وليتكما المجنبتين فاثبتا ولا تفرا فوالله لا أزول حتى يزول نخل زاذان عن أصوله فقالا ونحن والله الذي لا إله إلا هو لا نفر حتى نظفر أو نقتل فقال لهما جزا كما الله خيرا ثم أقام حتى صلى بالناس الغداة
(٨٠)