فلما أن رآهم من ساعته نزل وأمر مؤذنه فأذن ثم تقدم فصلى بنا المغرب وكان مؤذنه سلام بن سيار الشيباني وكانت عيون عتاب بن ورقاء قد جاءوه فأخبروه أنه قد أقبل إليه فخرج بالناس كلهم فعبأهم وكان قد خندق أول يوم نزل وكان يظهر كل يوم أنه يريد أن يسير إلى شبيب بالمدائن فبلغ ذلك شبيبا فقال أسير إليه أحب إلى من أن يسير إلى فأتاه فلما صف عتاب الناس بعث على ميمنته محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس وقال يا ابن أخي إنك شريف فاصبر وصابر فقال أما أنا فوالله لأقاتلن ما ثبت معي إنسان وقال لقبيصة بن والق وكان يومئذ على ثلث بنى تغلب اكفني الميسرة فقال أنا شيخ كبير كثير منى أن أثبت تحت رايتي قد انبت منى القيام ما أستطيع القيام إلا أن أقام ولكن هذا عبيد الله بن الحليس ونعيم بن عليم التغلبيان وكان كل واحد منهما على ثلث من أثلاث تغلب فقال ابعث أيهما أحببت فأيهما بعثت فلتبعثن ذا حزم وعزم وغناء فبعث نعيم بن عليم على ميسرته وبعث حنظلة بن الحارث اليربوعي وهو ابن عم عتاب شيخ أهل بيته على الرجالة وصفهم ثلاث صفوف صف فيهم الرجال معهم السيوف وصف وهم أصحاب الرماح وصف فيه المرامية ثم سار فيما بين الميمنة إلى الميسرة يمر بأهل راية راية فيحثهم على تقوى الله ويأمرهم بالصبر ويقص عليهم (قال أبو مخنف) فحدثني حصيرة بن عبد الله أن تميم بن الحارث الأزدي قال وقف علينا فقص علينا قصصا كثيرا كان مما حفظت منه ثلاث كلمات قال يا أهل الاسلام إن أعظم الناس نصيبا في الجنة الشهداء وليس الله لاحد من خلقه بأحمد منه للصابرين ألا ترون أنه يقول اصبروا إن الله مع الصابرين فمن حمد الله فعله فما أعظم درجته وليس الله لاحد أمقت منه لأهل البغى ألا ترون أن عدوكم هذا يستعرض المسلمين بسيفه لا يرون إلا أن ذلك لهم قربة عند الله فهم شرار أهل الأرض وكلاب أهل النار أين القصاص قال ذلك فلم يجبه والله أحد منا فلما رأى ذلك قال أين من يروى شعر عنترة قال فلا والله مارد عليه إنسان كلمة فقال إنا لله كأني بكم قد فررتم عن عتاب بن ورقاء وتركتموه تسفى في استه
(٨٩)