أيديهم على رأس ميل من المعركة فأنا اليوم بالمدائن في جراحة قد يموت الرجل من دونها ويعافى من مثلها فليسأل الأمير أصلحه الله عن نصيحتي له ولجنده وعن مكايدتي عدوه وعن موقفي يوم البأس فإنه يستبين له عند ذلك انى قد صدقته ونصحت له والسلام فكتب إليه الحجاج أما بعد فقد أتاني كتابك وقرأته وفهمت كل ما ذكرت فيه وقد صدقتك في كل ما وصفت به نفسك من نصيحتك لأميرك وحيطتك على أهل مصرك وشدتك على عدوك وقد فهمت ما ذكرت من أمر سعيد وعجلته إلى عدوه فقد رضيت عجلته وتؤدتك فأما عجلته فإنها أفضت به إلى الجنة وأما تؤدتك فإنها لم تدع الفرصة إذا أمكنت وترك الفرصة إذا لم تمكن حزم وقد أصبت وأحسنت البلاء وأجرت وأنت عندي من أهل السمع والطاعة والنصيحة وقد أشخصت إليك حيان بن أبجر ليداويك ويعالج جراحتك وبعثت إليك بألفي درهم فأنفقها في حاجتك وما ينوبك والسلام فقدم عليه حيان بن أبجر الكناني من بنى فراس وهم يعالجون الكي وغيره فكان يداويه وبعث إليه عبد الله ابن أبي عصيفير بألف درهم وكان يعوده ويتعاهده باللطف والهدية قال وأقبل شبيب نحو المدائن فعلم أنه لا سبيل له إلى أهلها مع المدينة فأقبل حتى انتهى إلى الكرخ فعبر دجلة إليه وبعث إلى أهل سوق بغداد وهو بالكرخ أن أثبتوا في سوقكم فلا بأس عليكم وكان ذلك يوم سوقهم وقد كان بلغه أنهم يخافونه قال ويخرج سويد حتى جعل بيوت مزينة وبنى سليم في ظهره وظهور أصحابه وحمل عليهم شبيب حملة منكرة وذلك عند المساء فلم يقدر منهم على شئ فأخذ على بيوت الكوفة نحو الحيرة وأتبعه سويد لا يفارقه حتى قطع بيوت الكوفة كلها إلى الحيرة وأتبعه سويد حتى انتهى إلى الحيرة فيجده قد قطع قنطرة الحيرة ذاهبا فتركه وأقام حتى أصبح وبعث إليه الحجاج أن أتبعه فأتبعه ومضى شبيب حتى أغار في أسفل الفرات على من وجد من قومه وارتفع في البر من وراء خفان في أرض يقال لها الغلظة فيصيب رجالا من بنى الورثة فحمل عليهم فاضطرهم إلى جدد من الأرض فجعلوا يرمونه وأصحابه بالحجارة من حجارة الأرحاء كانت حولهم فلما نفدت
(٦٩)