المنصف فيما بينه وبين القصر وجاءته بنو تميم وقيس وأهل الشأم فاقتتلوا هنيهة فحمل عليهم محمد بن المهلب فضرب مسور بن عباد الحبطي بالسيف فقطع أنف البيضة ثم أسرع السيف إلى أنفه وحمل على هريم بن أبي طلحة بن أبي نهشل ابن دارم فأخذ بمنطقته فحذفه عن فرسه فوقع فيما بينه وبين الفرس وقال هيهات هيهات عمك أثقل من ذلك وانهزموا وأقبل يزيد بن المهلب أثر القوم يتلوهم حتى دنا من القصر فقاتلوهم وخرج إليه عدى بنفسه فقتل من أصحاب الحارث ابن مصرف الأودي وكان من أشراف أهل الشأم وفرسان الحجاج وقتل موسى ابن الوجيه الحميري ثم الكلاعي وقتل راشد المؤذن وانهزم أصحاب عدى وسمع إخوة يزيد وهم في محبس عدى الأصوات تدنو والنشاب تقع في القصر فقال لهم عبد الملك إني أرى النشاب تقع في القصر وأرى الأصوات تدنو ولا أرى يزيد إلا قد ظهر وإني لا آمن من مع عدى من مضر ومن أهل الشأم أن يأتونا فيقتلونا قبل أن يصل إلينا يزيد إلى الدار فأغلقوا الباب ثم ألقوا عليه ثيابا ففعلوا فلم يلبثوا إلا ساعة حتى جاءهم عبد الله بن دينار مولى ابن عامر وكان على حرس عدى فجاء يشتد إلى الباب هو وأصحابه وقد وضع بنو المهلب متاعا على الباب ثم اتكوا عليه فأخذ الآخرون يعالجون الباب فلم يستطيعوا الدخول وأعجلهم الناس فخلوا عنهم وجاء يزيد بن المهلب حتى نزل دار سالم بن زياد بن أبي سفيان إلى جانب القصر وأتى بالسلاليم فلم يلبث عثمان أن فتح القصر وأتى بعدي بن أرطاة فجئ به وهو يتبسم فقال له يزيد له تضحك فوالله إنه لينبغي أن يمنعك من الضحك خصلتان إحداهما الفرار من القتلة الكريمة حتى أعطيت بيدك إعطاء المرأة بيدها فهذه واحدة والاخرى إني أتيت بك تتل كما يتل العبد الآبق إلى أربابه وليس معك منى عهد ولا عقد فما يؤمنك أن أضرب عنقك فقال عدى أما أنت فقد قدرت على ولكني أعلم أن بقائي بقاؤك وأن هلاكي مطلوب به من جرته يده إنك قد رأيت جنود الله بالمغرب وعلمت بلاء الله عندهم في كل موطن من مواطن الغدر والنكث فتدارك فلتتك وزلتك بالتوبة واستقالة العثرة قبل أن يرمى إليك البحر بأمواجه
(٣٣١)