صلى صلاة يعتقد فسادها، وأنها غير المأمور بها، بل لم تكن مقصودة بحال ولا لاحظ فيها التقرب، وبالجملة ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد (وأعاد) حينئذ قصرا في الوقت لأصالة الشغل وعدم صدق الامتثال كما هو واضح، ولا ينافي ذلك القول بصحة عبادة الجاهل مع مطابقتها للواقع وحصول التقريب منه، ولذا لم يحلها أحد ممن تعرض لها على تلك المسألة عدا المقدس البغدادي، ضرورة كون موضوع تلك المسألة قصد الفعل للجاهل، لا أنه وقع منه اتفاقا من غير قصد، بل كان المقصود خلافه كما نحن فيه.
ولو علم خارج الوقت ففي القضاء إتماما أو قصرا وجهان ينشئان مما ستسمعه، وربما احتمل أن المراد من نحو ما في المتن الجاهل ببلوغ مقصده مسافة فقصر ثم علم أنه مسافة، فإنه أيضا تجب عليه الإعادة في الوقت قصرا، لأن فرضه الاتمام قبل العلم، فلم يكن مأمورا بالقصر كي يصح ما فعله مما هو موقوف على موافقة الأمر، وكونه في الواقع مأمورا بالقصر مع أنه غير عالم به بل كان عالما خلافه غير مجد، ولذا لو أتم ثم علم المسافة لم يجب عليه الإعادة لقاعدة الاجزاء، وفيه أولا أن المتجه فيه الصحة إذا فرض في حال يمكن وقوع نية التقرب بالقصر منه، وثانيا لفظ الاتفاق في العبارة ظاهر في خلافه، إذ جعله قيدا للمسافر على معنى اتفاق أنه مسافر لأن مقصده بالغ المسافة خلاف المراد من مثل العبارة المزبورة قطعا، اللهم إلا أن يقال بعدم توقف الوجه المزبور على ذلك، بل يمكن عليه أيضا رجوع القيد إلى القصر على معنى اتفاق وقوع القصر منه من غير قصد له، بأن نسي إرادة التمام في صلاته فسلم على ركعتين مثلا ثم علم بلوغ مقصده المسافة، وفيه أنه حينئذ راجع إلى الوجه الأول وإن كان مبناه الجهل بالحكم، ومبنى هذا الجهل بالموضوع، ولذا جمعهما في التذكرة والنهاية على ما حكي عنهما، فقال:
ولو قصر المسافر اتفاقا من غير أن يعلم وجوبه أو جهل المسافة فاتفق أن كان الفرض ذلك لم تجزه، فتأمل جيدا، هذا كله لو علم بأن مقصده مسافة في الوقت، أما لو علم