بذلك خارج الوقت ففي القضاء قصرا أو تماما وجهان ينشئان من حصول سبب القصر في الواقع وإن لم يكن عالما به، فهو الفائت في الحقيقة، ومن أنه مكلف بالتمام، ومن فاتته فريضة فليقضها كما فاتته، قال في الذكرى: (وهذا مطرد فيما لو ترك الصلاة أو نسيها ولم يكن عالما بالمسافة ثم تبين المسافة بعد خروج الوقت، فإن في قضائها قصرا أو تماما الوجهين) إلى آخره.
ويقوى في النظر الأول، لأن المخاطب به في الواقع وفي اللوح المحفوظ القصر، فهو الذي فاته، وإن كان هو لو صلى تماما في ذلك الوقت كان معذورا، خلافا للذكرى فقوى الثاني، بل اختاره المقدس البغدادي معللا له بأنه لم يخاطب إلا بالتمام، لأن جهله إنما كان بالموضوع لا بالحكم الذي كان خطاب الجاهل به في الواقع القصر وإن عذر في اعتقاده، ضرورة الفرق بين الجهل بالحكم والجهل بالموضوع، وهو كما ترى، خصوصا بعد ما عرفت سابقا من معذورية الجاهل بالقصر هنا بحيث لو صلى تماما ثم علم بعد ذلك لم يكن عليه الإعادة، فكان التكليف بالقصر في الحقيقة من مقومات موضوعه علم المكلف به، فهو أولى بالواقعية المزبورة من الجهل بالموضوع الذي يمكن منع الاجتزاء فيه بما يقع منه من التمام لو تبين له في الوقت كون المقصد مسافة مثلا كما سمعته سابقا في الشرائط، وقاعدة الاجزاء قد ذكرنا غير مرة أن موردها الأمر في الواقع لا تخيل الأمر كما في الفرض.
فالأقوى القضاء قصرا في المسألتين، لأنه الفائت في الحقيقة، ولأن القضاء ليس في الحقيقة إلا توسعة في وقت الفعل بدليل غير دليل الأداء، فهو في الحقيقة كمن علم في الوقت قبل أن يصلي، وقوله (عليه السلام): (كما فاتته) يراد منه كيفيات الفعل التي قررها الشارع له في الواقع لا بحسب زعم المكلف، فتأمل هذا.
وربما فسرت العبارة ونحوها بمن نوى الصلاة تماما نسيانا ثم نسي وسلم على