من الاتمام إلا مع نية المقام، وإن استحب له نيتها في هذه المواضع لشرفها، ومن المرتضى وابن الجنيد في ظاهر المحكي عنهما من نفي التقصير ووجوب الاتمام مع إمكان إرادتهما نفي تحتمه كما احتمله الشهيد، بل يؤيده حصر غير واحد الخلاف في الصدوق، بل في المختلف المشهور استحباب الاتمام، واختاره الشيخ والمرتضى وابن الجنيد وابن إدريس وابن حمزة، بل عن المصنف والمنتهى التصريح بنسبة التخيير المزبور إلى الثلاثة وأتباعهم، وأن خلافه إنما هو في طرد الحكم في باقي قبور الأئمة (عليهم السلام) بل يمكن تأويل عبارة الصدوق بإرادة المنع من وجوب الاتمام، فتخرج المسألة حينئذ عن الخلافيات، وتندرج في الوفاقيات، أو الاحتياط له من جهة ظهور بعض الأدلة في وجوب التقصير بأن ينوي المقام ويتم أو يقصر. كما وقع في مهذب القاضي، فإنه بعد أن ذكر استحباب الاتمام قال: والتقصير هو الأصل، والعمل به في هذه المواضع وغيرها أحوط.
لكن ومع ذلك كله فاختار العلامة الطباطبائي وجوب التقصير تبعا للمحكي عن الفاضل البهبهاني، بل ادعى أنه المشهور بين متقدمي الأصحاب، ولعله أخذه مما يحكى عن الشيخ الجليل ابن قولويه في كامل الزيارة حيث روى عن أبيه عن سعد بن عبد الله (1) قال: (سألت أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد مكة والمدينة والكوفة وقبر الحسين (عليه السلام) والذي روي فيها فقال أنا أقصر وكان صفوان يقصر، وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصرون) إلى آخره. ومما في مكاتبة علي بن مهزيار (2) إلى أبي جعفر (عليه السلام): (ولم أزل على الاتمام إلى أن صدرنا من حجنا في عامنا هذا. فإن فقهاء أصحابنا أشاروا علي بالتقصير إذا