إلى القرية الواقعة في الأثناء، ويكون حاصل المراد بالرواية أن المسافر يقصر ويفطر إلا في ثلاثة مواضع: التابع للسلطان الجائر، لأنه سفر معصية، وقاصد للصيد لللهو، ومريد السفر إلى قريته وإن كان سفره بالذهاب والإياب ليومه يبلغ البريدين ومسيرة يوم، لانقطاع سفره بالوصول إلى القرية، ولولاه لكان فرضه التقصير، وفيه - مع أنه محتاج في انطباقه على الأحكام المعلومة بين الأصحاب إلى تقييدات كثيرة، وفي صحته بالنسبة إلى ما نحن فيه إلى تجشمات عديدة طويناها مخافة التطويل من غير طائل - أنه لا يكاد يظهر منه ظهورا معتبرا في استفادة الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية اعتبار الرجوع ليومه على وجه يكون شرطا لوجوب القصر، كما لا يخفى على من مارس النصوص وراعى الانصاف، وإن أطنب العلامة الطباطبائي في مصابيحه في بيان ذلك، وادعى ظهوره في ذلك، لكنه كما ترى، فتأمل.
ومنها ما عن البحار عن شرح السنة للحسين بن مسعود أنه ذهب قوم إلى إباحة القصر في السفر القصير، روي عن علي (عليه السلام) (1) (أنه خرج إلى النخيلة فصلى بهم الظهر ركعتين ثم رجع من يومه) ولا يقدح فيه الارسال بعد الانجبار، ولا أنه من طرق العامة، إذ هو - مع أن راويه ابن مسعود منهم المعتبر في النقل بيننا كما يومي إليه الاعتماد على كتبه في التواريخ والسير - منجبر أيضا بما عرفت، ولا بأس في الموافق لفتاوى الأصحاب ولو كان من طرقهم، خصوصا إذا كان مخالفا لما عندهم، على أنه ورد الأمر (2) بما يروونه عن علي (عليه السلام)، نعم قد يخدشه أنه لم يثبت كون النخيلة على بريد من الكوفة مثلا كي يكون من المسافة التلفيقية، بل قد يشهد ما قيل من أنها معسكر الكوفة، وأنه خرج (عليه السلام) يوما إليها راجلا لما غضب