في تحقق مسماه واستحقاقه الأجر بدون ذلك، كقول أبي جعفر (عليه السلام) (1) لما قيل له بعد أن صلى على الجنازة: ارجع يا أبا جعفر (عليه السلام) مأجورا ولا تعنى لأنك تضعف عن المشي: " إنما هو فضل وأجر فبقدر ما يمشي مع الجنازة يؤجر الذي يتبعها " لكن قال في المنتهى " إن أدنى مراتب التشييع أن يتبعها إلى المصلى فيصلي عليها ثم ينصرف، وأوسطه إلى القبر ثم يقف حتى يدفن، وأكمله الوقوف بعد الدفن ليستغفر له ويسأل الله له " وظاهره عدم حصوله إذا لم يتبعها إلى المصلى، وفيه نظر، ومن العجيب استدلاله على ما ذكر بالرواية السابقة، وهي في خلافه أظهر، فتأمل.
ثم إنه لا يبعد دخول ما هو متعارف في مثل زماننا من تبعية جملة من الناس للجنازة عند إرادة نقلها من بلد إلى أحد المشاهد المشرفة تحت التشييع، على أن جملة من الأخبار (2) قد اشتملت على مطلق التبعية، وفي المرسل (3) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) " ضمنت لستة على الله الجنة، رجل خرج في جنازة رجل مسلم فمات فله الجنة " كما أنه لا يبعد حينئذ عدم اعتبار ما يعتبر في المشيعين غيرهم من المشي، وأن يكون خلف الجنازة أو أحد جانبيها ونحو ذلك مما تسمعه في مثلهم، لظهور انصراف غيرهم، فتأمل.
والظاهر المنساق إلى الذهن من الأخبار (4) إن استحباب التشييع إنما هو فيما إذا كان محل الدفن محتاجا إلى النقل، أما إذا لم يكن كذلك كما لو كان مثلا في محل تجهيزة فلا يستحب اخراجه ونقله للتشييع، ثم إرجاعه إليه كما ينبئ عن ذلك فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) في دفن النبي (صلى الله عليه وآله).